الرئيسة \  واحة اللقاء  \  اتركوهم يتذابحون؟!

اتركوهم يتذابحون؟!

21.06.2013
راجح الخوري

النهار
الجمعة 21/6/2013
اذا كانت خطوط باراك اوباما الحمر المتعلقة بالازمة السورية وباستخدام النظام الاسلحة الكيميائية "مكتوبة بالحبر المخفي"، كما يقول السناتور جون ماكين، فان مواقفه وتصريحاته المتعلقة بها تبدو مجبولة بالتناقض والتردد والغموض، بما يثبت صحة التقارير التي تقول انه يقف في واجهة ادارة اميركية منقسمة جذرياً حيال سوريا.
التقارير الواردة من واشنطن تؤكد وجود انقسام حقيقي في وجهات النظر حيال الازمة، بين سياسيين يريدون انخراطاً عسكرياً جاداً يبدأ بدعم المعارضة بسلاح فعّال وقد يصل الى توجيه ضربات من بعيد بهدف شل سلاح الطيران السوري وحتى الى حد فرض منطقة حظر جوي على طريقة ما كان يجري في العراق، وبين عسكريين يرفضون هذا الانخراط ويفضلون الاكتفاء بمراقبة الرمال المتحركة الدموية تبتلع النظام وتغرق ايران و"حزب الله" وتقتل اكبر عدد من الاسلاميين المتشددين الذين استجلبتهم مذابح الاسد الى الجهاد في سوريا !
في هذا السياق كشفت التقارير ان اجتماعاً لمجلس الامن القومي ناقش الوضع بعد معركة القصير، وسط تحذيرات من ان ترك سوريا لقمة سائغة لطموحات الايرانيين سيفتح شهيتهم في كل دول الاقليم، وخصوصاً في منطقة الخليج، وان المصالح الحيوية الاميركية تفرض التحرك سريعاً لاعادة التوازن، في وقت ينغمس الروس الى رقبتهم في تسليح النظام . ولكن عندما دعا جون كيري الى شن غارات لشل سلاح الطيران السوري عبر تعطيل المطارات بما يعيد التوازن في الميدان ويحد من فعالية الجسر الجوي الروسي لإمداد النظام بالسلاح، واجهه وزير الدفاع تشاك هيغيل ورئيس الاركان مارتن ديمبسي ومستشار الامن القومي توم دونيلون بالرفض، ووصل الامر بديمبسي الى اتهامه بالتهور لانه "يطلب التدخل في حرب اهلية" بات عدد من الجنرالات في "البنتاغون" ينظر اليها بعيون الصهيونية، بمعنى ان الصراع في سوريا اصبح مذهبياً بسبب تدخل ايران واذرعها العسكرية وهو ما ادى الى بروز دور "القاعدة" والدعوات الى الجهاد. اذاً " لماذا التدخل اتركوهم يتذابحون، دعوا المتطرفين ينخرطون في صراع يضعفهم جميعاً" كما تقول اسرائيل؟!
لهذا لم يكن مفاجئاً ان يخفف اوباما في نهاية قمة الثمانية الكبار التوقعات بشأن الانخراط في دعم المعارضة عسكرياً وان يميّع تهديداته بشأن السلاح الكيميائي متذرعاً بالتشكيك الروسي، ويقف وراء "قناع جنيف" مصراً على تسوية سلمية تعيد سوريا بلداً موحداً يسود فيه التسامح!
والمضحك المبكي ان اميركا تريد ان تتولى روسيا اقناع الاسد بوضع قرار تنحيه على طاولة جنيف، في حين تريد موسكو ان تتولى واشنطن اقناع المعارضة بالموافقة على الجلوس الى الطاولة مع الاسد على طريقة وضع القاتل والقتيل وجهاً لوجه، في وقت يقول اوباما ان عدد القتلى تجاوز المئة الف !