الرئيسة \  واحة اللقاء  \  اتفق السوريون على ألا يتفقوا!!

اتفق السوريون على ألا يتفقوا!!

11.02.2016
فواز العجمي



الشرق القطرية
الاربعاء 10/2/2016
كنا نسمع من يقول "اتفق العرب على ألا يتفقوا" وهذا القول تأكد منذ أمد طويل وشاهدنا كيف يتصارع العرب مع العرب وأقصد هنا الأنظمة الرسمية العربية، وكيف أن هذه الأنظمة العربية تتفنن في خلق الصراعات والمشاكل بينها، بل إن البعض منها دخل في صراعات دموية مع البعض الآخر، ولا تزال هذه الأنظمة تترجم هذه المقولة "اتفق العرب على ألا يتفقوا".
اليوم لم تكتف هذه الأنظمة بألا تتفق مع بعضها البعض في ترتيب وحماية البيت العربي فقط، بل إن هذه الأنظمة لا تتفق مع نفسها ومع شعبها فبدأت بصراع دموي مع شعوبها وبدأ البيت "الوطني" في أغلب الأنظمة العربية ينهار نتيجة عدم الاتفاق على "وطنية" هذا الوطن وانتشر في "الاقليم" العربي التشرذم والتقسيم والتفتيت وفقاً للطائفية والمذهبية والعرقية وهذا يعود لسلوك الأنظمة "الدكتاتورية" التي هيأت المناخ المناسب للمشروع الصهيوني – الأمريكي في خريطة الشرق الأوسط الجديد.
وتحول عدم الاتفاق العربي من عدم الاتفاق على المشروع "القومي العربي" إلى عدم اتفاق على المشروع "الاقليم العربي" فبعد أن كان يقال "اتفق العرب على ألا يتفقوا" يصدق القول الآن "اتفق السوريون على ألا يتفقوا" و"اتفق العراقيون على ألا يتفقوا"، و"اتفق الليبيون على ألا يتفقوا"، و"اتفق المصريون على ألا يتفقوا"، و"اتفق اليمنيون على ألا يتفقوا".
وعدم الاتفاق هذا نشاهده يومياً وخاصة في جنيف عندما لم يتفق السوريون على حل سياسي لدولتهم التي انتهكتها الحرب على مدى خمس سنوات قتلت الآلاف من الشعب السوري وشردت الملايين ودمرت البنية التحتية، فالمعارضات السورية مشتتة وغير قادرة على توحيد صفوفها والنظام السوري يتهرب من مسؤولياته الوطنية ويعتمد على الحل العسكري بمساندة ودعم قوات أجنبية والقرار السوري – السوري ضائع بين اللاعبين والمتحاربين على الأرض السورية والضحية هو الشعب السوري والمنظمات الإرهابية مثل داعش والنصرة واخواتهما تعيث فساداً وقتلاً وخراباً في سورية.
إن ما نشاهده اليوم في الوطن العربي من صراعات داخل "الاقليم" الواحد ينذر بخطر نجاح المشروع الصهيوني – الأمريكي في رسم خريطة جديدة للوطن العربي أسوأ من معاهدة سايكس – بيكو التي تم بموجبها تقسيم هذا الوطن إلى دول عربية متناثرة ومبعثرة.
وهذا الوضع الخطير يتطلب منا وقفة جادة وهادفة وصادقة بدعوة إلى قمة عربية طارئة تحافظ على ما تبقى من "البيت العربي" وتفوت الفرصة على نجاح المشروع الصهيوني – الأمريكي الذي نبهنا من خطره مرات ومرات ولكن يبدو أننا "ننفخ في قربة مقطوعة".
إن عدم ترتيب "البيت العربي" وفقاً للمصلحة القومية العربية والأمن القومي العربي والأمن الوطني الاقليمي لكل قُطر عربي سنسمع مستقبلاً من يقول أبعد من "اتفق السوريون على ألا يتفقوا" أو الليبيون أو العراقيون بل سوف نسمع من يقول "اتفق السنة على ألا يتفقوا"، واتفق الشيعة على ألا يتفقوا، واتفق المسيحيون على ألا يتفقوا، وهذا يعني "اتفق المواطنون على ألا يتفقوا"، ويضيع بعدها المواطن والوطن.