الرئيسة \  واحة اللقاء  \  احلام روسيا وسط المقابر السورية!!

احلام روسيا وسط المقابر السورية!!

06.10.2015
حسين الرواشدة



الدستور
الاثنين  5/10/2015
 
سوريا التي نعرفها انتهت: ديموغرافياً فقدت نصف سكانها بين قتيل ومهجّر،وجغرافياً انقسمت الى مناطق وولايات تحكمها مليشيات محلية وخارجية، كما ان “ماكينتها” الاقتصادية تعطلت تماماً، وخرائطها الاجتماعية تشظت على شكل طوائف وفئات متناحرة، وبالتالي اصبحنا أمام دولة “فاشلة” بامتياز.
 بهذا المعنى، فإن سوريا التي كانت دولة لم تعد طرفاً في الصراع او في الحرب، وانما ساحة او ميدان “عسكري” لتصفية الحسابات الدولية والاقليمية،وفي هذا الساحة يتبارز ثلاثة لاعبون: الاول يمثله الطرف الروسي الايراني الصيني المتحالف مع النظام، والثاني يمثله التحالف الغربي المدعوم من بعض العواصم العربية، والثالث التنظيمات المسلحة التي يغلب عليها الطابع الاسلامي الراديكالي.
يلتقي اللاعبان الاول والثاني على “اجندة” عنوانها مواجهة “الارهاب” ويفترقان أمام مصير النظام وبقاء الرئيس الأسد او رحيله، فيما تتوزع “اجندات” التنظيمات المسلحة وولاءاتها تبعاً لتنوع مصالحها وعقائدها، فهي تقاتل فيما بينها احياناً، لكنها تتوحد ضد النظام ومن يتحالف معه.
على بوابة الحراسة وليس بعيداً عن اللاعبيين الثلاثة تقف “اسرائيل” بالمرصاد، فهي تبدو معنية تماماً بما يحدث في سوريا، وما يمكن ان تفضي اليه الامور مستقبلاً وأبرز ما يعنيها الحفاظ على أمنها في الجولان المحتلة، وعدم تسريب الاسلحة الروسية لحزب الله، ثم الابقاء على “كنزها” المتمثل في النظام والرئيس الأسد، وبالتالي فإنها تنسق مع كافة “اللاعبين” لضمان مطالبها الحالية والاستراتيجية ايضاً.
سؤال المليون –الآن- هو : هل سيقلب الدخول الروسي المباشر الى الحرب كفة الموازين ام انه سيغرق الجميع - وفي مقدمتهم روسيا- في المستنقع السوري؟
لا تبدو الاجابة سهلة في هذا الوقت الذي لم نكتشف فيه بعد حجم التدخل الروسي ولا التفاهمات التي تمت بينها وبين امريكا والدول الغربية ، ولا تقسيم الادوار والغنائم بين الروس وايران، لكن ثمة حقائق تبدو واضحة ، منها ان روسيا لم تحرك اسطولها العسكري للمنطقة لمنع سقوط الاسد ونظامه فقط، وانما “لملأ” فراغ كبير وجدته وتريد ان تستثمر فيه وربما يتجاوز سوريا الى منطقة الشرق الاوسط كلها، ومنها ان الدخول الروسي سيستفز –بلا شك – اطرافا عديدة، بعضها داخل سوريا والبعض خارجها، وبالتالي فأن المواجهة ستكون شرسة، ولن تحسم من “الجو” الامر الذي قد يدفع الروس الى المشاركة “براً” في الحرب، ومنها ان حسابات الاطراف المتصارعة داخل سوريا ستتغير، الأمر الذي سيغير من شكل الحرب ومن مسارات السياسة ايضاً، لا نتحدث فقط عن التفاهمات الروسية الايرانية وصداها في لبنان والعراق واليمن، وانما ايضا عن التنظيمات الاسلامية المسلحة التي من المؤكد انها ستتوحد لمواجهة الواقع الجديد...كما انها ستتلقى دعما اكبر من دول اقليمية عديدة اعلنت رفضها للتدخل الروسي، ناهيك عن توافد الجهاديين من خارج سوريا للمشاركة في القتال.
المؤكد ان فائض الحرب في سوريا سيغرق الجميع، واولهم الشعب السوري الذي سيكون “الضحية” للصراع الدموي الدائر بين الأطراف، كما ان “روسيا” ستكون الضحية الثانية، وخاصة اذا ما استمرت الحرب دون وجود ما يلزم من تفاهمات سياسية للخروج منها،أو اذا ما استدرج الروس لخوضها على “البر” عندها سيكون الجنود الروس في مرمى تنظيمات تمرست على القتال، ولها حاضنات اجتماعية وتحظى بدعم اقليمي غير محدود، وربما ستتكرر تجربتها مع “الافغان”، واعتقد ان هذا السيناريو سيجد ما يلزم من دعم من قبل امريكا والغرب وحلفائهم في المنطقة.
باختصار الحرب في سوريا ستطول اكثر من ما نتوقع، والذين احتفوا بالدخول الروسي واعتبروه “منقذاً” للنظام، سيتفاجأون بنهايات غير سعيدة، ليس فقط بالنسبة لروسيا التي تورطت في “ألمستنقع” وانما للنظام السوري ولحلفائه في طهران وجنوب لبنان، صحيح أن احدا لا يستطيع ان يتنبأ الآن بهذه النهايات ولكنها في ضوء تجارب الحروب التي شهدها عالمنا في القرن الماضي بتدو مؤكدة، فقرار الدخول الى الحرب يبدو سهلاً اما الخروج منها فأنه اصعب من الخروج من جهنم.