الرئيسة \  واحة اللقاء  \  اختبار النظام السوري في تسهيل التحقيق ردّ الفعل الدولي يعمِّم الإحباط والخيبة

اختبار النظام السوري في تسهيل التحقيق ردّ الفعل الدولي يعمِّم الإحباط والخيبة

23.08.2013
روزانا بومنصف

النهار
الجمعة 23/8/2013
قد يشكل تجاوب النظام السوري مع طلب رئيس فريق الخبراء الدوليين آكي سيلستروم التوجه الى منطقة الغوطة للتحقيق في المجزرة التي وقعت هناك ابرز رد واقعي وموضوعي لدحض المزاعم عن مسؤولية النظام في اطلاق صواريخ تحمل مواد كيماوية على البلدات في جوار دمشق. ويتعين على روسيا التي تقوم بدور وزارة الخارجية للنظام وتسبقه في الرد على كل ما يتناوله ان تحضه على التجاوب مع هذا التحقيق باعتباره يشكل ابرز دفاع يدحض المزاعم حول مسؤولية الرئيس السوري ونظامه وليس فقط الاكتفاء بالنفي الاعلامي والاستناد الى محللين سياسيين لم يجدوا منطقا في لجوء النظام وفق ما استند هذا الاخير في معرض الدفاع عن نفسه، الى استخدام اسلحة كيميائية فيما هو يستقبل وفدا امميا للتحقيق في استخدامات سابقة للاسلحة الكيميائية خلال العام الماضي. اذ ليس من سبب موضوعي يمكن ان يمنع النظام من اتاحة المجال امام فريق التحقيق الدولي من التحقيق على الفور في طبيعة المجزرة ونتائجها في حال كان لا علاقة له من قريب او بعيد بها ما لم يكن لديه ما يخفيه في هذا الاطار كما طالب بعض الدول. اذ ان تجاوبه سيشكل قرينة براءته سريعا في حين ان عدم تجاوبه مع هذا المسعى سيبقي الشكوك كبيرة لا بل يؤكدها في رأي كثر من المتابعين والمعنيين. واذا كانت فصائل من المعارضة هي التي استخدمت غازات سامة او اسلحة كيميائية، فان المسألة ستصب في خانة النظام السوري الذي يمكن ان يستفيد مما نجح فيه حتى الان وهي وصم المعارضة او غالبيتها بطابع خضوعها لتنظيمات ارهابية وتكفيرية وكذلك باتهامات اخرى وهي استخدام هذه التنظيمات الاسلحة الكيميائية ضد الشعب السوري من اجل احراج النظام في حمأة استقباله المحققين الدوليين وتسجيله مكاسب على الارض. ولعل المجتمع الدولي يقدم له المزيد من الفرص للتهرب على هذا الصعيد مع موقف لمجلس الامن شدد على ضرورة "الوضوح في شأن هجوم مزعوم بالاسلحة الكيميائية" من دون ان يوجه دعوة صريحة الى اجراء تحقيق في الهجوم بما يكفي لتمييع المسألة ككل واضعافها اضافة الى صدور موقف ايطالي لافت اعتبر ان " دمشق والروس يقدمون نظرة اخرى للاحداث مثيرة للاهتمام الى حد ما " وان كانت ايطاليا طالبت ايضا كما مجلس الامن بتوضيح حول اتهام الحكومة السورية باستخدام اسلحة كيميائية، الامر الذي يسمح للنظام بالتملص من السماح للمحققين من التوجه الى بلدات ريف دمشق. ففي النتيجة فان رد الفعل الدولي لم يبد في مستوى هول الجريمة وفظاعتها بما لا يسمح لهذا المجتمع في حال صحت ارقام الضحايا من جهة ومسؤولية النظام عن هذه الارتكابات من جهة اخرى التذمر لا من عنف التنظيمات المعارضة ولا من ينضوي تحت سقفها ما دامت الامور متروكة في سوريا لان تحل نفسها بنفسها. اذ ان رد الفعل الدولي كان مثار احباط وخيبة كبيرين ربما نتيجة حذر واضح من ملابسات المجزرة وصحة هذه الملابسات كما ظهر بالنسبة الى المتابعين المعنيين على رغم ان العواصم المؤثرة يمكن ان تتأكد بواسطة تقارير استخبارية مستقلة وليس من فريق التحقيق الدولي الموجود راهنا في دمشق كما حصل بالنسبة الى حوادث مماثلة لاستخدام النظام اسلحة كيميائية ولو لم تؤد هذه الحوادث الى عدد الضحايا المرتفع الذي تم الحديث عنه بالنسبة الى منطقة الغوطة في دمشق. ذلك علما ان هذه العواصم قد لا يكون في مصلحتها التأكيد او حسم وقوع هذا العدد من الضحايا من اجل الا تضطر الى التدخل في شكل او في آخر خصوصا انه سبق للنظام ان تجاوز الخط الاحمر الذي رسمه الرئيس الاميركي باراك اوباما لاحتمال لجوء النظام الى استخدام الاسلحة الكيميائية او اي طرف اخر وجرى غض النظر عن تجاوز هذا الخط على رغم اثباته من فرنسا وبريطانيا كما من الولايات المتحدة.
في المقابل، فان الذرائع التي قدمها النظام لا تنفي مسؤوليته في استخدامه اسلحة كيميائية نتيجة اعتبارات قد يكون ابرزها كما قال انه لا يمكن ان يقدم على هذه الخطوة فيما بدأ فريق المحققين عمله في الوقت الذي لم يفتأ النظام السوري اللجوء الى مثل هذه الاساليب في لبنان مثلا حيث فرض وصايته لثلاثة عقود ندر ان استقبل خلالها وفدا غربيا او عربيا اتى للوساطة بين اللبنانيين والسوريين من دون قصف عنيف استهدف مناطق وجودهم بما عطل جهودهم على رغم التنسيق المسبق الذي كان يحصل مع المسؤولين السوريين. ولعل الزعماء الجدد في العالم الغربي لا يعرفون هذا الامر عن النظام السوري. كما ان احتمال استخدام تنظيمات او فصائل تابعة للمعارضة الاسلحة الكيميائية لا يعفي النظام من احتمال بروز واقع عدم سيطرته على مخزونه من هذا السلاح على رغم الضمانات التي كان قدمها في هذا الاطار بدعم وضمانات روسية ايضا، بما يعرضه للمساءلة ويفسح المجال امام حتمية التدخل في حال وقعت هذه الاسلحة في ايدي تنظيمات معارضة او سواها ممن يمكن ان يستخدموها لغايات مختلفة او في حال عجزه عن الامساك بمناطق يقع من ضمنها مخرون هذا السلاح.