الرئيسة \  واحة اللقاء  \  اردوغان وسياسة الروليت الروسية!

اردوغان وسياسة الروليت الروسية!

11.08.2016
راجح الخوري


النهار
10/8/2016
عشية قمة مصالحته مع فلاديمير بوتين، بدا رجب طيب اردوغان كمن يلعب الروليت الروسية في كل الإتجاهات، ليس لأنه تعمّد ان يحمل على أميركا والدول الأوروبية فحسب، بل لأنه لم يتوانَ عن الضرب تحت الحزام الروسي في سوريا، فليس خافياً على بوتين طبعاً ان الهجوم المضاد، الذي تلعب "جبهة النصرة" دوراً اساسياً فيه، إنما هو محاولة من اردوغان للقول : على حدودنا في حلب نحن هنا!
 
بوتين يعرف هذا جيداً، لكنه يقيس الأمور بمعايير أكثر حذاقة، بمعنى ان استجلاب تركيا ثانية أكبر قوة في حلف شمال الأطلسي الى موسكو، وسط اهتزاز علاقتها بحلفائها الغربيين، يظل كسباً معنوياً مهماً بغض النظر عن معارك الكر والفر التي ستطول في حلب!
في هذا السياق، بدا كلام اردوغان عن الدور الروسي في سوريا مناقضاً لكل ما كان يقوله في الماضي قبل إسقاط المقاتلة الروسية فوق سوريا، وبعدما اتهمه بوتين بأنه شريك "داعش" في النفط وفي غير النفط، وأنه هو الذي يؤمن للتنظيم الإرهابي خطوط الإمداد المفتوحة عبر الحدود التركية، وقد كان من المفاجئ ان يقول لوكالة "تاس" إنه "من دون مشاركة روسيا من المستحيل إيجاد حل للقضية السورية، فقط بالتعاون مع روسيا نستطيع وضع حل سياسي للأزمة السورية".
ولكن على أي أساس يمكن ان يقوم هذا الحل حين يريد بوتين بقاء الأسد بينما يطالب اردوغان دائماً برحيله، أم ان توجّسه من دعم الأميركيين للأكراد في شمال سوريا حيث يقاتلون الآن على تخوم منبج في الطريق الى الرقة هو الذي يثير عنده الكوابيس الكردية التي تدفعه الى الإنفتاح على الشيطان الروسي بعيداً من واشنطن، ولهذا لا أتردد في القول إن مبالغته في إظهار التودد الى بوتين ليست حباً مستجداً بموسكو بمقدار ما هي محاولة لإثارة الغيرة والقلق عند أحبابه في واشنطن.
"زيارتي لموسكو ستكون تاريخية وتمثّل بداية جديدة... وأنا على ثقة أن المحادثات التي سأجريها مع صديقي [صديقي؟] فلاديمير ستفتح صفحة جديدة في علاقاتنا الثنائية وأعتقد أن أمام بلدينا الكثير لنعمله معاً"... كل هذا الكلام لن يدفع الأميركيين الى الخروج عن مساراتهم القانونية وإرسال فتح الله غولن مخفوراً الى سجون اردوغان أو الى مشانقه التي يهدد بها معارضيه الذين نفذوا محاولة الإنقلاب التي أعطته ذريعة ليجتثّهم تحت أقنعة حماية الديموقراطية!
في حديثه الى صحيفة "الموند" لم يكتفِ بإبداء العتب على دول الغرب لأنها لم تساعده في إجتثاث معارضيه وتتويجه سلطان زمانه فحسب، بل حاول استعمال مسألة اللاجئين السوريين لابتزاز إلغاء الفيزا الأوروبية للأتراك وهو ما لن يحصل طبعاً... والروليت الروسية قد تضع الرصاصة في الرأس!