الرئيسة \  واحة اللقاء  \  ازدواجية بوتين ينبغي أن تتوقف

ازدواجية بوتين ينبغي أن تتوقف

18.09.2013
جويل برينكلي


البيان
الثلاثاء 17/9/2013
ربما كان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين هو أكثر زعماء العالم ازدواجية، وقد دفع النقاش حول الهجوم بالأسلحة الكيماوية في سوريا بهذه الفكرة إلى بؤرة اهتمام العالم، فقد وصف الرئيس الروسي مرات عدة الفكرة القائلة بأن الحكومة السورية قد نفذت هذا الهجوم، بأنها فكرة "عبثية" وبأنها "هراء".
ان هذا يترك بديلا واحدا، وهو أن الثوار السوريين هم الذين قاموا بالهجوم بالأسلحة الكيماوية، وهي بالتأكيد فكرة عبثية وهراء مطلق.
أولا وقبل كل شيء، فإن الرئيس السوري بشار الأسد مسؤول بالفعل عن القتل الوحشي لأكثر من 100 ألف من مواطنيه، باستخدام أسلحة قيمتها مليارات الدولارات باعتها روسيا له، فلماذا يكون غريبا أن يستخدم طريقة أخرى لذبح 1400 سوري آخرين من بينهم 400 طفل على الأقل؟
الأمر الأكثر من هذا، هو هل يتعين علينا أن نصدق أن الثوار السوريين قد خلصوا إلى أن قتل هذا العدد من مواطنيهم هو استراتيجية ذكية وبراغماتية؟ وهكذا، فقد اقتحموا قاعدة عسكرية سورية تضم الوحدة 450 التي تسيطر على الأسلحة الكيماوية السورية، واستولوا على كميات كبيرة من الغاز، ثم أفلحوا في وضع هذا الغاز في رؤوس حربية سورية (وهي عملية فنية معقدة للغاية)، وأطلقوا هذه الصواريخ على شعبهم بينما كان الجيش السوري واقفا يتفرج.
لقد مضى بوتين إلى حد تحذير الولايات المتحدة وحلفائها من طرح قضية هذا الهجوم على مجلس الأمن، فلماذا بحق السماء يحاول أي شخص الذهاب إلى مجلس الأمن بينما يبادر ممثل روسيا هناك إلى ممارسة حق النقض؟
والآن يبدو أن روسيا تعتنق فكرة جون كيري وزير الخارجية الأميركي، التي تقضي بوضع الأسلحة الكيماوية السورية تحت السيطرة الدولية، حتى بعد الزعم بأن الأسد لم يستخدمها.
لقد ذهب بوتين إلى القول إن المناقشة بأسرها هي: "استفزاز من قبل أولئك الذين يريدون استدراج بلاد أخرى إلى الصراع السوري"، ثم بعث بالعديد من السفن الحربية إلى البحر المتوسط. إن بوتين "بعيد بأميال عدة عن الحقيقة" حول هذه القضايا، حسبما أكد رئيس وزراء بريطانيا ديفيد كاميرون.
كانت روسيا حتى الآن هي البلد الوحيد الذي انغمس بعمق في الصراع السوري، بخلاف جيران سوريا الذين استوعبوا، بحسب إحصاءات جديدة للأمم المتحدة، ما يزيد على مليوني لاجئ سوري، يفترض أن معظمهم كانوا يخشون من التعرض للقتل بتلك الأسلحة الروسية.
اسألوا المسؤولين الروس وسوف يبادرون إلى إنكار أن روسيا تبيع أسلحة لسوريا، باستثناء تلك التي تحتاجها دمشق للأغراض الدفاعية. حسنا، إن أي سلاح يمكن أن يوصف في الحرب بأنه سلاح دفاعي.
لقد أكد وزير الخارجية الروسي خلال العام الماضي، أن بلاده تبيع حمولة سفينة حربية من طائرات الهليكوبتر الهجومية من طراز 125 للأسد، فهل هذه أسلحة دفاعية؟ وعندما قامت السلطات القبرصية بتفتيش سفينة نقل روسية توقفت هناك لإعادة التزود بالوقود خلال العام الماضي، وجدت تلك السلطات أن السفينة محملة بالطلقات وغيرها من الذخائر "الدفاعية"، وقدم طاقم هذه السفينة تأكيدات كتابية بأنها كانت متجهة إلى تركيا، ولكنها غيرت مسارها وألقت مراسيها في سوريا، حسبما ذكرت وكالة رويترز في ذلك الوقت.
لقد دعت جامعة الدول العربية روسيا إلى وقف تسليح نظام الأسد قائلة: "إن أي مساعدة للعنف ينبغي أن تتوقف لأنك عندما تقدم المعدات العسكرية تقتل الناس". ومع هذا كله وغيره كثير، فإن الحكومة الروسية تملك من التعالي ما يدعوها لاتهام الولايات المتحدة بتسليح الثوار.

لقد اتهم وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف الولايات المتحدة بأنها "تقدم أسلحة للمعارضة يجري استخدامها ضد الحكومة السورية"، وقد كان ذلك قبل وقت قصير من القرار الأميركي في الربيع الماضي بالبدء في إعطاء الثوار بنادق وأسلحة صغيرة أخرى (حتى اليوم لم يتم تسليم بندقة أميركية واحدة للثوار). وأعلن بوتين مرارا أنه يؤيد الأسد، لأن الرئيس السوري يقف حائلا "ضد النزعة الإسلامية المتطرفة".
وفي حقيقة الأمر، كما يعرف حق المعرفة، فإنه منذ بدأت الحرب انقلبت سوريا إلى مغناطيس يجتذب العناصر الإسلامية المتطرفة، وتدفق الألوف منهم إلى سوريا من الدول المجاورة، عاقدين العزم على الإطاحة بالأسد وتحويل سوريا إلى جمهورية متطرفة.
وازدواجية بوتين تمتد إلى ما يتجاوز سوريا، وهو في غمار الإشارة إلى هذا الصراع قال: "ليس لأحد الحق في أن يقرر للدول الأخرى من الذي ينبغي أن يكون في سدة السلطة ومن الذي لا ينبغي له ذلك"، ثم بدأت روسيا الشهر الماضي في حظر الواردات الآتية إليها من أوكرانيا، الجمهورية السوفييتية السابقة، لأن حكومتها كانت تعتزم توقيع اتفاق تجاري مع الاتحاد الأوروبي.