الرئيسة \  واحة اللقاء  \  استفتاء الأسد والانفصام عن الواقع

استفتاء الأسد والانفصام عن الواقع

02.06.2013
الوطن السعودية


السبت 1/6/2013
حسم الرئيس السوري بشار الأسد ما يتمخض عن مؤتمر جنيف 2 مسبقاً – إن عقد – وأعلن أول من أمس أن نتائج المؤتمر سوف تطرح في استفتاء على الشعب ليوافق عليها أو لا يوافق، مما يؤكد الإشكالية التي يمر بها الأسد منذ بداية الثورة، وهي أنه يعيش خارج الواقع.
فأولاً، أي شعب يريد له الأسد أن يدلي بصوته حول نتائج المؤتمر؟ هل هم المهجرون النازحون ومَن هدمت بيوتهم أو الأطفال الذين جعلهم يتامى والنساء اللواتي صرن أرامل بسبب عملية القتل المتواصلة التي يمارسها ضد الشعب.
الحقيقة التي يجب أن تقال هي أن المجموعة الوحيدة القادرة على التصويت هي سكان الساحل السوري في المناطق التي لم تصلها قذائف وصواريخ وطائرات ومدافع النظام، وهي باختصار تنتمي إلى الطائفة الموالية له، أما المناطق الأخرى التي لم تتحرك ضده مثل السويداء وغيرها فسوف تبقى تحصيل حاصل، فإن كان الأسد يريد أن يختزل الشعب السوري بطائفته، فتلك مشكلة يفترض أن يتنبه المجتمع الدولي إليها.
كذلك، أي استفتاء يريد أن يجريه الأسد وهو على رأس السلطة، بمعنى أنه يتحكم بنتيجة الاستفتاء كما يريد، فيحول رفض الشعب لبعض البنود إلى موافقة، ويحول الموافقة إلى رفض، ثم يخرج معلناً شرعية نظامه. ليكسب بالتالي مزيدا من الوقت ليعاود ممارساته وألاعيبه التي لم يكن سماحه - وبشكل سافر لم يخجل من إعلانه أول من أمس - لمقاتلي حزب الله اللبناني بدخول أراضيه وقتل شعبه إلا إحداها، ولم يعد خافيا وجود قوات من الحرس الثوري الإيراني وغيرهم في الداخل السوري لدعم نظامه.
وإذا كانت روسيا صاحبة "إعلان جنيف" المضلل ترفض اشتراط المعارضة لرحيل الأسد في مؤتمر جنيف 2 حتى تشارك فيه، فإن المعارضة أحسنت صنعا حين أعلنت أول من أمس عدم مشاركتها في المؤتمر مادام الأسد يبطش بأهالي مدينة القصير وغيرها ويحاصرها بقواته وبمقاتلي حزب الله الذين استنجد بهم. فأي حوار يعقد مع نظام لا يبدي رأسه حسن نية للحوار بإيقاف القتل ولو لأيام ريثما يعقد المؤتمر؟
انفصام الأسد عن الواقع واضح، وعدم قدرته على قراءة الأحداث لن تجلب سوى مزيد من الدمار للشعب السوري الذي سيظل يعاني تبعات حكم الأسد عشرات السنين.