الرئيسة \  واحة اللقاء  \  استحقاقات 2016 في سوريا واليمن وليبيا

استحقاقات 2016 في سوريا واليمن وليبيا

06.01.2016
عبدالوهاب بدرخان



الاتحاد
الثلاثاء 5/1/2016
يولي المجتمع الدولي مسألة الإرهاب أولويةً ويعتبر أن انتشار تنظيم "داعش" في أربعة بلدان عربية، هي سوريا والعراق واليمن وليبيا بالإضافة إلى شبه جزيرة سيناء، بات خطراً يهدد السلام والاستقرار حول العالم، ما يستوجب التصدّي له بصرامة وحزم، لذلك تُعتبر السنة الجديدة مفصلية للحرب المعلنة على التنظيم، فمنذ منتصف 2014 يشكل هذا الاستحقاق تحدّياً كبيراً لـ"تحالف دولي" أقامته الولايات المتحدة، لكن غموض إستراتيجيتها وأهدافها أدّى إلى انكماش في مشاركات الدول الأخرى، والتي رأت أن "داعش" تمكّن من التوسع بدل أن يضعف، إلا أن هجمات باريس وموجات اللاجئين إلى أوروبا أعادتا الحيوية إلى التحالف بانضمام فرنسا وبريطانيا ودول أوروبية أخرى.
وفي 2015 دخلت روسيا مباشرة إلى الساحة السورية وطرحت تأسيس تحالف رباعي (يضم إليها كلاً من إيران والعراق والنظام السوري) وأرادته "بديلاً" عن التحالف الذي تقوده أميركا، غير أن مسعاها اصطدم بعراقيل عدة، أهمها أن روسيا ترمي إلى توظيف الحرب على الإرهاب في إعادة تأهيل النظام السوري، واستخدمت في ذلك سياسة الأرض المحروقة ضد مناطق المعارضة المناوئة لهذا النظام، ما أربك "التنسيق" بين محاربي الإرهاب. وإذ لم يرَ العراق مصلحةً في الاعتماد على روسيا بدلاً من أميركا فقد مكّنته هذه أخيراً من تحرير الرمادي، وبات الهدف الكبير التالي تحرير الموصل. في غضون ذلك باشرت مجموعات سورية وكردية تدعمها الولايات المتحدة عمليات ضد "داعش" في محافظة الرقّة السورية. وبذلك يكون التدخل الروسي قد حفّز الأميركيين على حسم بعض الخيارات، وإنْ لم يكن هذا هو هدف موسكو.
ثمة اقتناع لدى مختلف العواصم المعنية بأن ضرب "داعش" يبقى عملاً ناقصاً، بل غير مجدٍ على المديين المتوسط والبعيد، ما لم يتم التوصّل إلى حلول سياسية للنزاعات الداخلية وبالتالي الشروع في تطبيقها. فالإرهاب هو رديف الفوضى والاقتتال الأهلي وغياب الدولة، ينشأ وينمو في ظلّها ويستغلّ عوامل الضعف التي تشكّلها، ولا شك في أن تغيير البيئة المضطربة خطوة لابدّ منها في مكافحته وإقصائه. من هنا فالتلكؤ في تفعيل مساعي "المصالحة الوطنية" في العراق لم يعد مقبولاً، لأن استعادة السيطرة الحكومية على المحافظات السنّية ستبقى مشوبة بالحذر والتشكيك ما لم تكن المواكبة السياسية عاملاً مساعداً على توطيد الثقة الداخلية.
أما بالنسبة لسوريا فإن خريطة الطريق التي رسمها القرار الدولي رقم 2254 ستكون في الأسابيع المقبلة تحت الاختبار، بسبب ازدواجية مواقف روسيا التي أيدت القرار لكنها تتبنّى أجندة خاصة ومعقّدة قد تعرقل تطبيقه، ومواقف إيران التي تهجس بنفوذ ومصالح قد تتناقض مع هدف إنهاء الصراع في سوريا، وكذلك مواقف النظام السوري الذي يُفترض أن ينخرط في مفاوضات مع المعارضة لكنه يحاول فرض شروط مسبقة من شأنها أن تحول دون انطلاق أي تفاوض. وعندما صدر القرار الدولي بدا أنه يشكّل فرصة هي الأولى من نوعها منذ بداية الأزمة، خصوصاً أن القتال لم يُسفر عن حسم لأيٍ من الطرفين. ولا يتطلّب إنجاح المفاوضات توفيقاً صعباً بين النظام والمعارضة فحسب، بل توفيقاً صعباً أيضاً بين الدول الراعية.
لعل رهانات مماثلة تعقد كذلك على "اتفاق الصخيرات" لحل الأزمة الليبية، وقد تبنّاه مجلس الأمن، فالقوى الدولية تراقب خريطة انتشار "داعش" بعدما وضعت خططاً للتدخل الجوي ضدّه، وتحاول إيجاد شركاء محليين للقيام بالقتال البري. لكن هذه المهمة تستلزم إنهاء التردد في تبنّي الطرف الذي تأكدت شرعيته مرتين من خلال صناديق الاقتراع. أما الميليشيات التي تطمح للاعتراف بدور وحصة في الحكم فإن أي اتفاق لن يلبي مطالبها على النحو الذي تتصوّره، ولابدّ إذن من معالجة غلوّها بواسطة الدول الداعمة لها.
التفاوض هو الهدف أيضاً لإنهاء الأزمة اليمنية لكن جماعتي الحوثيين والرئيس المخلوع "صالح" لا يزالون يمانعون من احترام الدولة والاعتراف بالحكومة الشرعية والتراجع عن انقلابهم عليها. هذه هي الأسباب التي حالت مرّتين دون مباشرة التفاوض على تنفيذ القرار 2216 الذي ينتصر لليمن واليمنيين وحكومتهم الشرعية ولا يعترف لأي طرف بإمكان السيطرة على البلد. لذلك قد يبقى هذا النزاع مراوحاً بين حسم عسكري وبين حوار خليجي إيراني قد يحدث هذه السنة.