الرئيسة \  واحة اللقاء  \  استراتيجية "إطالة أمد الصراع في سورية"

استراتيجية "إطالة أمد الصراع في سورية"

14.09.2014
منار الرشواني



الغد الاردنية
السبت 13-9-2014
بالنسبة لمن جعلوا الدولة السورية مساوية لبشار الأسد ونظامه المشهود له بالاستبداد والفساد، ما تزال ثمة فرصة للانتصار، طالما أن هذا الانتصار يعني فقط بقاء الأسد رئيساً، رغم كل الموت والدمار الذي يحل بسورية وأهلها. بل ويتحدث هؤلاء، وبشديد ثقة، عن انتصارات متوالية، رغم أن الأسد لا يستطيع الوصول إلى مجلس الشعب لأداء اليمين عقب الانتخابات التي نظمها، وقيل إنها دليل تأييد شعبي لحكمه لأربع عشرة سنة مقبلة على الأقل.
أما بالنسبة للذين يرون سورية أسبق وأكبر من الأسد الأب والابن، وأبقى منهما حتماً؛ وأنها تعني شعباً كريماً وأرضا مصانة، قبل أي نظام؛ فيعرف هؤلاء أن الانتصار الحقيقي في سورية لم يعد ممكناً إلا في معركة إعادة بناء الوطن بكل السوريين ولأجلهم جميعاً؛ بعد وقف حمام الدم الذي بدأه بشار الأسد ومليشيات إيران الشيعية الطائفية المتحالفة معه، ثم انضم إليهما لاحقاً في مواصلة المجزرة تنظيم ما يسمى "الدولة الإسلامية" (داعش).
يبدو التذكير بهذه البدهيات، إلا للأسد وحلفائه، ضرورياً بمناسبة إعلان الرئيس الأميركي باراك أوباما، قبل أيام، استراتيجيته للقضاء على "داعش"، ولاسيما في سورية حيث مركز ثقل التنظيم؛ بداية بسبب الحماية التي تمتع بها من قبل نظام الأسد حتى أيام قليلة؛ ثم بسبب الإشكاليات السياسية واللوجستية التي تواجه التدخل العسكري الأميركي هناك.
ففي حال صدق الرئيس أوباما في نيته دعم المعارضة السورية، المعتدلة بالمعايير الأميركية، وتأهيلها لمكافأة قوة "داعش" (رغم أن هناك وقائع تستعصي على الحصر، تشكك في صدقية الإدارة الأميركية بهذا الشأن على امتداد السنوات الماضية)، فإن هذا الدعم لا يعني حتماً إلا إطالة أمد الصراع في سورية؛ بالقدر الكافي، وفق أفضل السيناريوهات، لإقناع حلفاء بشار الأسد شخصياً، المالكين لزمام أمره، بضرورة التفاوض لإنهاء حرب الإبادة هناك، والتي ستظل تغذي "داعش" وأشباهه، وقبلها حصد أرواح السوريين من كل دين وطائفة وعرق، وتشريدهم وتدمير وطنهم.
باختصار، تبدو سورية الآن في مواجهة خيارين اثنين واضحين: إطالة الحرب، لقتال "داعش" ونظام الأسد؛ أو إزاحة الأسد بما يسمح بحشد كل السوريين ضد "داعش" باعتباره تهديداً لمستقبلهم المشترك، كما هو الأسد الآن فعلاً.
لكن هنا يثور التساؤل عن صاحب المصلحة والقدرة على تبني الخيار الثاني؛ أي إنهاء الصراع السوري بإنهاء حكم الأسد، وبالتالي القضاء على إجرام "داعش".
طبعاً ليس أميركا، على الأقل بحكم الدعم الروسي المتواصل للأسد. هذا فيما أنصار نظرية المؤامرة والأسد يرون أن مصلحة واشنطن هي تدمير سورية، والغريب أنهم، إن صدقوا، يساعدونها على ذلك بإخلاص شديد. وروسيا ذاتها تبدو أقرب إلى مواصلة السياسة ذاتها على امتداد عمر الثورة السورية، ولو من باب المناكفة والتحدي للغرب، لاسيما أن الثمن المدفوع في سورية هو من دماء أبنائها. وكذلك هي الحال، بالنسبة للدم المسفوح، فيما يتعلق بإيران، بل إن طهران تستفيد من الانقسام المذهبي العربي، كونه يجعلها المهيمنة على الشيعة العرب، الذين يغدون أدوات يمكن لها استغلالهم كيفما شاءت؛ كما يظهر اليوم خصوصاً في اليمن.
إذن، يظل الخيار المتاح هو إطالة أمد الصراع في سورية، باعتباره الوجه الآخر والنتيجة لبقاء الأسد. لكن، هل يسمح ذلك بالقضاء على "داعش"؛ بل وحتى تحجيمه؟ وهل يبدو منطقياً بعد ذلك توقع بقاء الصراع في حدود سورية وحدها؟