الرئيسة \  واحة اللقاء  \  استشهدوا... من أجل سوريا

استشهدوا... من أجل سوريا

21.08.2013
ميشيل تويني

النهار
الاربعاء 21/8/2013
لا تمييز او مفاضلة في الموت، لكنهم قرروا تصنيفنا وتقسيمنا وفرزنا... المناطق انقسمت، والمنطق الوحيد اصبح الطائفة! قسّموا الالوان، قسّموا الارقام، قسّموا الاسماء، قسّموا ويقسمون الشعارات والمناطق ومصير البلاد والعباد وكل شيء، حتى وصلوا الى تقسيم الشهداء. فهناك من يقدّم الحلويات عندما يسقط شهيد لا يشاركه رأيه السياسي، ونحن أدرى الناس بذلك.
يوم انفجار الرويس خسرنا زميلنا في "النهار" محمد صفا، الذي كان ممن واكبوا جبران تويني في رحلته الاخيرة عبر مشاركته حمل النعش، نعش شخص أحبه واحترمه، على رغم ان شهيد الامس لم يكن من طائفة شهيد اليوم، وقد لا يكون يشاركه افكاره السياسية ومواقفه، لكنه كان ابن "النهار" الذي ترعرع على احترام الآخر وقبوله، والوقوف وقفة عز امام التضحية والموقف. ربما نموذج "النهار" لو كان موجوداً معمماً في لبنان لكنا تفادينا الكثير...
انفجار الرويس اتى رداً على حزب قرر ان يجر بلداً برمته الى صراع لا يعنينا، وحرب ليست حربنا، ونتيجة مواقف زعماء لا يتورعون عن المتاجرة بأرواحنا يومياً. محمد صفا كان متجها الى لقاء طفلتيه وزوجته، محمد صفا لم يختر ان يقاتل في سوريا، او ان يقتل لأجل سوريا...
أما آن لنا ان نرتاح من هذه المسلسلات الكوابيس؟ ألم يرتووا بعد من دمائنا؟ ألم يملّوا من إزهاق ارواحنا؟ كم طفلاً بعد يجب ان يخسر والده او والدته؟ كم طفلاً بعد يجب ان ينام في المستشفيات وهو لا يعلم لماذا هو مصاب ولأي ذنب اقترفه؟ كم ارملة بعد، كم يتيماً بعد يريدون؟ ألم يشبعوا دماراً وقتلى وثكالى ويتامى ومعوقين بعد؟
ألا يخجلون من عائلات الشهداء الذين دفعوا بهم الى القتال والاستشهاد من اجل سوريا؟ أما حان لهؤلاء المضلّلين من قبل تجار الارواح وهواة الحروب والمعارك الانتحارية من قول كلمة "لا"، ليست هذه الحرب حربنا، ولسنا عشاق شهادة في حروب الآخرين؟
متى سيعي اللبنانيون ان السير خلف هؤلاء لا ينتج سوى الموت والاسى، وان كل شعب واع لا يحمل الى السلطة الا من يقدّم له الامان والازدهار والاستقرار، إلا نحن، فلماذا؟ لماذا يجب ان نموت عنهم بالوكالة، ولا يموتون هم عن انفسهم بالاصالة؟ لماذا يقبلون بأن يقدموا شعبهم ذبيحة لمؤامرات خارجية؟ والاسوأ ان ردة فعلهم هي الامعان في التحدي اكثر، والانغماس اكثر في صراع طائفي - اقليمي. لا يترددون ولا يحسبون للعواقب حساباً ولا يكترثون لتخسيرنا خيرة شبابنا في حروبهم العبثية.
لن يتوقف مسلسل الارهاب هذا الا اذا قرر الشعب يوماً ان يكفّ عن تقديم حياته وحياة اولاده هبة مجانية الى ملوك الحروب والمقابر الجماعية!