الرئيسة \  واحة اللقاء  \  اطلاق السجينات: الاستبداد السوري والعار العربي!

اطلاق السجينات: الاستبداد السوري والعار العربي!

26.10.2013
رأي القدس
رأي القدس


القدس العربي
الجمعة 25/10/2013
أبعدت أجهزة أمن النظام السوري 64 سجينة بينهن لبنانية وثلاث فلسطينيات (اضافة الى 12 جثث لنساء معتقلات قضين تحت التعذيب) بعد اطلاق سراحهن من سجونها حسب ما ذكرت الأنباء أمس.
احدى هؤلاء السجينات هي المدوّنة السورية طلّ الملوحي التي اعتقلت بعمر 18 عاماً بعد ان وجهت رسالة عبر موقع الكتروني للرئيس السوري بشار الأسد لأنه ‘كرئيس يحتم عليه منصبه وقف الفساد المستشري’ مذكرة إياه ‘بما قطعه من وعود’! وكان ذلك عام 2009 أي قبل اندلاع الثورة السورية بعامين.
تختصر قصة طلّ الملوحي حكاية الشعب السوري مع النظام ووحشيته فهي تقول إن اي إشارة توجه للرئيس، حتى لو كانت من شابة صغيرة بعمر الورود، لا يعاقب عليها باحتجاز حريتها فحسب، بل تحطيم أية ذرة من كرامة او حقوق او سمعة الفتاة المعتقلة.
جريمة التعرض الى رمز الطغيان السوري وجبروته الأوحد تستلزم، بحسب حسابات الأجهزة الأمنية الحارسة للنظام، عقوبة من طراز رهيب بحيث يتكرّس الرئيس باعتباره رمز القمع الذي لا تمكن معرفة حدود أقاصي عقابه.
لا يؤمن النظام السوري بعقاب يساوي ‘الجريمة’، فقد استنّ عرفاً هائلاً للعقاب يجاوز التخيّل وجعله مع تدمير مدينة حماة عام 1982 والبطش بأهاليها أمثولته التي ما فتئ يعيدها ويكررها على السوريين حتى عمّمها ليجعل سورية، حسب تصريح للاقتصادي السوري ايمن طباع في مؤتمر بلندن، في وضع أسوأ من وضع المانيا المدمرة بعد الحرب العالمية الثانية.
بعد اعتقال الفتاة بسبب مناشدتها البريئة للرئيس السوري، قامت أجهزة النظام بالسخرية والتحقير لكل ردود فعل التضامن الدولية معها من خلال اتهامها – وهي فتاة مسلمة ملتزمة ومحجبة – بعلاقة جنسية مع أجنبي وبالتجسس ‘لصالح دولة اجنبية لقاء مبالغ مالية’، وكأن الدول الأجنبية بحاجة لتجسس مدوّنة انترنت شابة وهي القادرة على شراء ذمم كبار المسؤولين!
تثير المرأة التي تواجه الأنظمة المستبدة كوامن الغريزة الوحشية وانحطاطا فظيعاً في الخيالات الجنسية لدى ضباط وعناصر سلطات الاستبداد الأمنية ووسائله الاعلامية – الأمنية، فتقوم باستهداف النساء بصفتهن عناصر تحت – انسانية مخلوقة ليمارس عليها الاضطهاد والقمع الجسدي والجنسي والنفسي.
اشتغلت أجهزة إعلامية تابعة للنظام السوري وأخرى لبنانية وجزائرية وتونسية ومصرية بل وتركية أيضاً على كيل الاساءات وتلفيق القصص التي تسيء الى كرامات السوريات وشرفهن.
وبعد ان تراجع فيض اتهامات الدعارة والحمل الجماعي للاجئات تفتّق العقل الأمني الاعلامي عن خرافة ‘جهاد النكاح’، التي صارت علكة أثيرة ‘يجاهد’ في بذلها وتداولها كل من له ثأر ليس مع السوريات فحسب بل مع الثورات ومفهوم الجهاد الاسلامي أيضاً.
استهداف النظام السوري للنساء فاق حدود البشاعة التي يمكن تخيلها، فقناصته المستأجرون من دول بعيدة، مكلّفون، حسب ما أكد الطبيب البريطاني ديفيد نوت الذي عالج المرضى في سورية ووثق الجرائم بصور اشعة طبية، بقتل الأجنة داخل بطون أمهاتهن.
تدفع النساء السوريات ثمناً باهظاً ورهيباً لتجرؤهن على قول لا للاستبداد، لكن الأقسى ربما من الاعتقال والتنكيل والتعذيب والقتل وفقدان الأبناء والأزواج في وطنهن السوري وعلى أيدي شركائهن السوريين في المواطنة هي تلك المطاردة المهينة للاجئات السوريات وازواجهن وابناءهن في بلدان اللجوء العربية من خلال اعتقالات العار التي تنفّذها بعض الأنظمة الشقيقة للاجئين فيها، واطلاق النار على سفنهن الهاربة الى المنافي، وموت السوريين والفلسطينيين في عرض البحار مذلّين ومهانين ومطاردين لأنهم تجرأوا على رفع راية الحرية.