الرئيسة \  واحة اللقاء  \  اعتذار أوباما لمن؟

اعتذار أوباما لمن؟

02.10.2014
د. مطلق سعود المطيري



الرياض
الاربعاء 1-10-2014
    يقول الرئيس أوباما: "إن بلاده أساءت تقدير الأزمة في سورية، ما أدى الى تسهيل ظهور الجماعات المتطرفة وتشكيلها.." فهل نحن أمام اعتراف بفشل أم أن الأمر لا يتعدى تبريراً للحملة العسكرية الجوية التي تقودها الولايات المتحدة ضد المتطرفين في سورية والعراق، فكلا الاتجاهين يديدان الرئيس الأمريكي، فالفشل في رصد الموقف وتحليله ضعف لا يليق بحجم دولة مثل الولايات المتحدة، وسوف يضعها في خانة الدول التي لا تتصرف بعقلانية إلا عندما تتعطل آلة العقل في تفكيرها، أي دولة عضلات وليس دولة عقل ورؤية، وإن كان ذلك الاعتراف تبريراً للعمل العسكري فقد ذهب الرئيس للفشل في عقله هذه المرة، وليس في عضلاته، فتبرير الحرب على التطرف لا يكون نتيجة فشل في تقدير لموقف في وضع آخر.
الرئيس الأمريكي أصبح في تصريحاته يشبه بعض الزعماء العرب، يتحدث وينسى ما تحدث به، أو لا يكون حديثه متوافقاً مع سياسته، ففي تصريح سابق له، عندما اتجهت داعش إلى شمال العراق وتدخلت قواته الجوية لمصلحة الأكراد قال: إن تدخل القوات الأمريكية كان نتيجة وجود حليف لها على الأرض يقصد قوات البشمركة، وأن هذا الشيء كان غير موجود في ليبيا، شاركت الجوية الأمريكية من دون حليف لها على الأرض ما أدى الى تدهور الوضع في ليبيا، وهذا ما منعه من التدخل في سورية حيث لا يوجد حليف له على الأرض، فأغلب القوات الموجودة في سورية جماعات متطرفة لا تؤمن بالديمقراطية وحقوق الإنسان، فتطرف الجماعات المسلحة في سورية أمر ليس جديداً على الرئيس، فبلاده هي من وضع جماعة النصرة قبل عامين على قائمة الجماعات الإرهابية، فالتجاوز عن أعمال الجماعات المتطرفة والتغاضي عن تشكليها لم يكن بسبب تضليل في المعلومات، أو سوء تقدير للموقف، ولكنه رغبة في بناء حلف جديد تكون سورية فيه خاسرة بوجود نظام بشار وليست منتصرة من دونه، أي دولة فاشلة بنظام فاشل أفضل من دولة مفتوحة على احتمالات النصر والهزيمة.
المقام ليس محاكمة لأقوال الرئيس الأمريكي، بل إشارات عقلية تشير إلى أن فشل السياسة الأمريكية في الملف السوري أمر محسوم سواء سماه الرئيس سوء تقدير أو شيئا آخر، فشماعة سوء التقدير أو أن الاستخبارات الأمريكية لم تقم بالدور المطلوب منها جيداً، تبرير سبق الرئيس جورج بوش الابن به الرئيس الحالي، فنذكر جميعاً التقارير التي خرجت من البيت الأبيض بعد احتلال العراق 2003، التي أوضحت كذب الاستخبارات على الرئيس وأن نظام صدام حسين لا يملك سلاحاً كيماوياً، ونذكر أيضاً أن السعودية هي من طلبت في ذلك الوقت إعطاء فرصة للدبلوماسية للتأكد من وجود أسلحة الدمار الشامل، فقد كانت من ضمن الدول القليلة التي عارضت التبريرات الأمريكية لضرب العراق، فمعيار المملكة في تحديد الخطر لم يتغير، فقد نبهت واشنطن مرات كثيرة بخطورة الأوضاع في سورية وذكرت لها أن نظام بشار يتلاعب بورقة الإرهاب ويوظفها لمصلحته، فانشغلت واشنطن عن ذلك بمفاوظات طهران حول برنامج الأخيرة النووي، فهل محاربتها الإرهاب ستكون معادلة تفاوضية تفرضها على المستفيد والرابح في هذه الحرب، وتكمل سياستها بعد ذلك مع ملف إيران النووي في أرض جديدة لا يوجد بها بترول صخري.