الرئيسة \  واحة اللقاء  \  اغتيال اللقيس: اختيار القاتل

اغتيال اللقيس: اختيار القاتل

07.12.2013
حسام عيتاني


الحياة
الجمعة 6/12/2013
على عكس الهجمات التي استهدفته في الشهور الماضية، سارع «حزب الله» إلى اتهام إسرائيل باغتيال القيادي حسان هولو اللقيس بعدما اعتاد على إلقاء اللوم على «التكفيريين» أو عملاء دول خليجية.
بعد التفجيرات الإرهابية السابقة التي أودت بحياة عشرات الأبرياء في الضاحية الجنوبية، كان الحزب ووسائل إعلامه يؤكدون «فشل» الهجوم أو الانفجار في تحقيق أهدافه. وبلغت الحماسة ببعض المتحدثين الحزبيين حد اعتبار الهجمات «انتصارات» جديدة تضاف إلى رصيد «المقاومة» وحزبها وقيادتها وذلك قبل أن تجف دماء الضحايا وتُرفع الأشلاء من الشوارع.
في اغتيال اللقيس لم تصدر تصريحات رعناء كهذه. التزمت كتيبة المتحدثين بالإعلان الرسمي الحزبي أن الجهة المسؤولة عن الجريمة هي أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية وأن تبنّي الهجوم في بيانين مقتضبين لا قيمة له لصدورهما عن جهتين وهميتين.
لا تتيح المعلومات المتوافرة اليوم القطع بهوية مرتكبي الاغتيال. بيد أن ثمة ما يوحي أن الحزب يفضل، اختياراً، أن تكون إسرائيل هي المسؤول عن الجريمة. فهنا كان «الإنجاز» (بالمعنى التنفيذي) صريحاً لا لبس فيه. مستوى التخطيط واختيار الهدف والرصد والانسحاب، كلها معطيات تقول بدرجة عالية من الاحتراف لدى المنفذين. ولا يود الحزب أن يرى هذا النوع من الكفاءات موجوداً لدى خصومه الجدد. ناهيك عن اضطراره للاعتراف بقدرة هؤلاء على الإحاطة بتفاصيل الهيكلية الأمنية والقيادية التي يحرص الحزب عليها حرصاً شديداً.
لذا، من الأسهل منح الاعتراف بهذه الكفاءات إلى إسرائيل صاحبة القدرات الكبيرة غير المشكوك فيها في مجال العمل الاستخباري بدلاً من استدخال لاعبين خطرين غير معروفين إلى ساحة المواجهة الأمنية. ولا يرمي هذا الكلام، بطبيعة الحال، إلى تبرئة إسرائيل التي تبقى طرفاً نشطاً في الصراع في المنطقة والتي لم تتردد في قصف الكثير من قوافل الأسلحة التي كانت تتجه إلى لبنان من سورية في العامين الماضين. بل يطرح السؤال عن السرعة في تحديد الجهة المنفذة واستبعاد أطراف أخرى.
لم يأتِ استبعاد «التكفيريين» ومن دأب الحزب على اتهامهم في الأحداث السابقة، حرصاً على صفاء المناخ الداخلي أو رغبة في المصالحة مع الطرف المقابل، بل على العكس. فقد أفاض الأمين العام للحزب قبل ساعات من الإعلان عن اغتيال اللقيس في توجيه رسائل التحدي الداخلية والخارجية. الأقرب إلى المنطق أن الحزب لا يرى في هؤلاء نداً له في الصراع. وبما أنه يعجز عن القول إن الاغتيال فشل في تحقيق هدفه، على نحو ما قال بعد محاولة تفجير السفارة الإيرانية، فلا بد أن يكون القاتل يوازي الحزب في الندية. وليس يحتل هذه المرتبة غير إسرائيل.
وما دام المجال مجال تكهنات وفرضيات، لا بأس من القول إن الندية تعني أن الحزب ينظر إلى منفذي الاغتيال بعين ذاته. بكلمات ثانية، إن الجرأة والاحتراف والدقة، هي ميزاته هو ولا يستطيع أن يتنازل عنها لغير مستحقيها من المستجدين على الساحة كـ «التكفيريين» ومن هم في تعريفهم. عليه، لا يبقى أمام الحزب غير التشديد على اتهام إسرائيل وتوعدها بالرد «في المكان والزمان المناسبين».
نتائج التحقيق والمعطيات الموضوعية لا علاقة لها بهذا «المنطق».