الرئيسة \  واحة اللقاء  \  اغتيال محمد شطح: من المسؤول؟

اغتيال محمد شطح: من المسؤول؟

29.12.2013
رأي القدس
رأي القدس


القدس العربي
السبت 28/12/2013
في آخر تغريدة له على تويتر كتب الوزير اللبناني الأسبق محمد شطح: ‘حزب الله يهوّل ويضغط ليصل إلى ما كان النظام السوري قد فرضه لمدّة 15 عاما: تخلي الدولة له عن دورها وقرارها السيادي في الأمن والسياسة الخارجية’، وكان ذلك عملياً آخر آرائه قبل ان تغتاله سيّارة مفخخة صباح أمس.
رئيس وزراء لبنان الأسبق سعد الحريري نعى مستشاره شطح في بيان أصدره واتهم فيه ضمنياً حزب الله بالاغتيال قائلا: ‘المتهمون بالنسبة لنا وحتى اشعار آخر هم أنفسهم الذين يتهربون من وجه العدالة الدولية ويرفضون المثول أمام المحكمة الدولية. إنهم أنفسهم الذين يفتحون نوافذ الشر والفوضى على لبنان واللبنانيين ويستدرجون الحرائق الاقليمية الى البيت الوطني’ في اشارة الى عناصر ‘حزب الله’ الخمسة المطلوبين للتحقيق في جريمة اغتيال رفيق الحريري والمتوارين عن الأنظار، والى تدخل الحزب عسكرياً في القتال داخل سوريا.
شطح الذي جاء الى السياسة من الاقتصاد، هو السياسي التاسع الذي يتم اغتياله من فريق 14 آذار منذ اغتيال رئيس الحكومة اللبنانية الأسبق رفيق الحريري عام 2005.
لا يعتبر شطح شخصية أمنية أو عسكرية، وكان معروفاً باعتداله وثقافته الواسعة وبتوليه العلاقات الخارجية في تيار المستقبل، واغتياله لا يشبه بالتالي اغتيال العميد وسام الحسن، قبل عام وشهرين (تشرين الأول/اكتوبر 2012) رئيس فرع المعلومات اللبناني، الذي كان محسوباً على التيار المعارض للنظام السوري و’حزب الله’.
فاغتيال وسام الحسن كان بسبب إنجازه الأمني في كشف تلقي الوزير اللبناني السابق ميشال سماحة أسلحة وأموالاً من الحكومة السورية، اضافة الى كشفه عشرات خلايا التجسس الاسرائيلية، وكان اغتياله، عملياً، ردّاً على نزعه ورقة المزاودة بالموضوع الاسرائيلي من يد جبهة ‘المقاومة والممانعة’ وتصدّيه للمخططات الاستخباراتية السورية في لبنان.
يجب أن ينظر بالتالي الى اغتيال محمد شطح في سياق موقعه ودوره الاستشاري والدبلوماسي، فالضربة موجهة أولاً الى سعد الحريري رئيس تيار المستقبل والشخصية الرئيسية في تجمّع 14 آذار، باعتبار شطح من الحلقة القيادية الضيقة المحيطة بالحريري، كما أنها موجهة الى وظيفته الدبلوماسية وعلاقته ببعض الدول العربية والأجنبية المقرّبة لتجمع 14 آذار (السعودية والولايات المتحدة الأمريكية خصوصاً).
الى هذين العاملين الفاعلين في رصيد شطح كهدف للاغتيال، يمكن إضافة نقطتين، الأولى أن شطح هو ابن مدينة طرابلس، وهي المدينة اللبنانية التي تتحدّى السلطات السورية بشكل مباشر وتؤوي عشرات آلاف اللاجئين السوريين، والثانية هي أنه كان دائم الانتقاد لممارسات ‘حزب الله’ ووكلاء النظام السوري في لبنان.
قائمة الاغتيالات في لبنان طويلة جداً، وتضم سياسيين ورجال أمن وسفراء ورؤساء ووزراء ونوّاب وصحافيين ورجال دين، ولم ينج منها طرف سياسي، ولذلك يدخل كلّ ما قلناه آنفاً في باب التحليل السياسي، وهو مختلف بالتأكيد عن التحليل الأمني والجنائي المثبت والموثّق. غير أن حصيلة التحليلات الأمنية والجنائية ولجان التحقيق والمحاكم في قضايا الاغتيالات في لبنان غير مشجعة أبداً، ولم تثمر، بما فيها كبرى قضاياها، وهي اغتيال رفيق الحريري، إلى القبض على المنفذين.
يتعرّض حزب الله لضربات هو الآخر، كان آخرها اغتيال قياديّه حسان اللقيس، وقبلها اغتيال عماد مغنية، قائده العسكري والأمني الأبرز، عام 2008، في دمشق، ولكن الفارق بين اغتيالات فريق 14 آذار واغتيالات عناصر حزب الله واضح وجليّ، ففريق 14 آذار لا يمتلك قوى عسكرية وأمنية مثل حزب الله ولا يؤمن أصلاً بالاغتيالات، واذا كان هناك طرف راغب في مواجهة حزب الله بأساليب الاغتيال والتفجير فهو تنظيمات السلفيّة المسلّحة، على شاكلة ‘القاعدة’ ومؤيدي الشيخ أحمد الأسير.
ما يحصل في لبنان نتيجة لفائض القوّة العسكرية لـ’حزب الله’ واستخدامها ضمن المشروع الايراني في المنطقة، أما تنظيمات السلفيّة المسلّحة فهي انعكاس لتداعيات الاستبداد السياسي المتمظهرة طائفياً كما أنها تعبير سياسي مشوّه عن الإحساس بالمظلومية، وكلاهما جزء من أعراض الصراع الكبير للسيطرة على المنطقة التي يدفع ثمنها فقراء السنّة والشيعة معاً.