الرئيسة \  مشاركات  \  الأب حكم بقبضة أمنية والأبن يتابع التدمير والتهجير

الأب حكم بقبضة أمنية والأبن يتابع التدمير والتهجير

23.08.2014
جان عبد الله



كل الخيوط المعقدة والعلاقات المتضاربة فى السياسة تحتاج الى قائد أو مايسترو يديرها ويبدو أن الأختيار كان قد وقع على حافظ الأسد ليلعب هذا الدور ولمعرفة كيفية محافظته على التماسك والنجاح فى خططه لابد من معرفة معادلته التى كانت تقوم على كوكتيل من العلاقات الخارجية حققت لنظامه هذه الصلابة والتماسك
فهو النظام السياسى الوحيد فى المنطقة الذى كان يحتفظ بعلاقات قوية مع النظام الأيرانى ومع دول الخليج فى الوقت نفسه وهو النظام الذى كان يحصل على مساعدات عسكرية سوفياتية ولا يتوقف عن فتح الباب لأى مبعوث أمريكى كان أصدقائه يقولون أن سرّه فى داخله بمعنى أنك لاتستطيع أن تعرف بالضبط حقيقة ما يريد ويبدو أنه احتفظ بهذا النمط من الكتمان والسرية فى المعلومات وأصبحت احدى سمات سياساته بحيث يصعب على من يتعامل معه أن يعرف بالضبط اتجاه خطوته المقبلة
حينما كان وزيرا للدفاع استدعته لجنة حزبية للمثول أمامها للتحقيق فى اجراءات انزال بعض الوحدات العسكرية لحماية مناطق معينة وأهداف مدنية عقب قصف اسرائيل لمعسكر فدائيى فتح فى شباط عام 1969 فكان رد فعله التقدم من اللجنة بعدة مطالب ليس أقلها من اجراء تعديل وزارى واعلان التعبئة العسكرية وتدعيم العلاقات مع العراق ويوم اتهم الأسد عبد الكريم الجندى رئيس المخابرات العسكرية بتحويل سوريا الى نظام بوليسى أعلن عن انتحاره صباح 2 آذار
مما لاشك فيه أن الأسد استطاع المحافظة على قوته العسكرية بعد أن سيطر على غالبية أجهزة الأمن والمخابرات بمساعدة العقيد على دوبا والمقدم محمد كنعان والنقيب يومها محمد ناصيف فى مواجهة مؤسسة اللواء صلاح جديد المدنية ونجح بالأمساك بكل الخيوط دون أى صدام الا أن الفضل الكبير كان لدور شقيقه رفعت قائد سرايا الدفاع والذى كان له الفضل فى ادخال كل أساليب القمع والتعذيب فى مراكز التحقيق بالأضافة الى كتمان الأسد وحساباته الدقيقة والذى تردد عنه أنه لايفكر بأى شىء سوى الأمساك بالحكم ولقد أطلق عليه رفاقه اسم طائر الليل لعشقه العمل ليلا حيث لم يتوانى عن استقبال زواره فى الواحدة أو الثانية بعد منتصف الليل فقد كان له مكتبا سريا فى سرايا الدفاع بالمزة يأتى اليه فى ساعة متأخرة ولقد لمست أنا شخصيا ذلك عندما كنت معتقلا للمرة الثانية فى مركز تعذيب رفعت الأسد فى 14 أيلول من عام 1966 بعد انكشاف ا لتنظيم القومى للواء فهد الشاعر حيث عذّبت بشكل وحشى لاأدرى كيف بقيت على قيد الحياة خاصة وقد توفى أثناء التعذيب جارى فى الزنزانتين المجاورتين وهما النقيب كمال من السويداء والمساعد حنا من حمص
بعد انتهاء الأسبوعين الأولين من التعذيب حملت على نقالة الى مكتب حافظ الأسد السرى لأننى لم أكن أقوى على الوقوف أو المشى لأن عظام قدماى بقيت أربعة أشهر ظاهرة سألنى يومها الأسد لماذا اشتركت ضدنا فى هذه المحاولة الأنقلابية نفيت له ذلك الا أنه بقى مصرا على أنه يعرف كل شىء والحقيقة أن رفعت الأسد بطل اجرام تلك الحقبة اعتقل ضابطين ديريين من أوادم السوريين وهما الأخ تحسين هلال وأحمد موسى المطر وكان يخدمان لسوء حظهما خدمة العلم فى سرايا الدفاع وعذّبهما حتى اعترفا كذبا أننى مكلف بتوصيل كلمة السر لهما لكسر أبر مدافع الدبابات فى معسكره وفى معسكر قطنا ومن جملة ما قاله لى أنه كان يتأثر وتدمع عيناه كل ما كان يسمع صوتى أثناء التعذيب حتى قال لى أنه لايوجد حل اما أن تقتلونا أو نقتلكم
أما خليفته الذى ورث المزرعة فانه قد تعهد على مايبدو لكل أعداء سوريا أن لايترك فيها حجرا على حجر ولا معلما حضاريا من آثارها وسيسلمهم اياها لاسمح الله أرضا يباسا خالية من نصف سكانها
*عضو الهيئة الادارية للتيار الوحدوي العربي الديمقراطي خارج الوطن ــ الوعــد ــ