الرئيسة \  واحة اللقاء  \  الأخضر الإبراهيمي: حسابات غير دقيقة

الأخضر الإبراهيمي: حسابات غير دقيقة

05.06.2014
صالح القلاب



الرأي الاردنية
الاربعاء 4/6/2014
تحدثت تقديرات رددتها بعض وسائل الإعلام الفضائي ، قبل مبادرته لتشكيل تكتل سياسي لخوض معركة الإنتخابات البرلمانية المقبلة، بأن عمرو موسى سيخلف الأخضر الإبراهيمي في مهمة الوساطة العربية ووساطة الأمم المتحدة الممثلة بأمينها العام بان كيمون لحل الأزمة السورية التي غدت أكثر تعقيداً من ذنب الضب والتي مع الوقت قد تحولت من أزمة داخلية إلى أزمة اقليمية ثم إلى أزمة دولية بين روسيا والولايات المتحدة في ضوء مستجدات المشكلة الأوكرانية التي عمقت الخلافات بين هاتين الدولتين الكبيرتين وأيضاً بين الشرق والغرب.
ولعل ما يجب أن يقال ل"عمرو موسى" هذا الدبلوماسي المصري والعربي المخضرم ومن قبيل النصيحة الخالصة لوجه الله أنَّ عليه ألاَّ يقترب من هذه النيران الملتهبة التي أحرقت أصباع الأخضر الإبراهيمي الذي من المفترض أنه يعرف بحكم عوامل كثيرة المعضلة الحقيقية للأزمة السورية التي إذا كانت في السابق قد استعصت على كل من تصدى لحلها فإنها أصبحت عصية وعسيرة على الحل حتى وإن تقدم لحلها ليس حلالاً واحداً وإنما الف حلال.
إن عمرو موسى بالتأكيد يعرف أن رحلته السياسية الطويلة يجب أن تنتهي في بلده مصر وإنه بعد كل هذه الأعوام من العمل في السلك الدبلوماسي ومن العمل في الجامعة العربية أميناً عاماً لها لا يجوز أن يعرض نفسه لما تعرض إليه الأخضر الإبراهيمي الذي بذل جهوداً مضنية كشخص وكموقع لحل الأزمة السورية بالتفاهم وبالإتفاق ووضع نهاية لكل هذا العنف الذي سببه أولاً وأخيراً التدخلات الروسية والإيرانية وتحويل بشار الأسد بلده إلى مسرح للصراعات الإقليمية والدولية.
لقد لعب عمرو موسى دوراً رئيسياً ، يشكر عليه، في كل تطورات ما بعد ثورتي مصر ، ثورة يناير وثورة يونيو، ولقد تردد أنه سيُكافأ باختياره إمَّا نائباً لرئيس الجمهورية أو رئيساً للوزراء لكن مبادرته الأخيرة لتشكيل تكتل سياسي ضم عدداً من الرموز والفعاليات والكفاءات المصرية لخوض معركة الإنتخابات البرلمانية التي باتت على الأبواب يعني أنه اختار الخيار الصحيح وهو ان يكون رئيساً لمجلس الشعب المقبل الذي ينتظره دورٌ في غاية الأهمية لترسيخ المسيرة الديموقراطية في بلد من حقه أن يبدأ بداية صحيحة على هذا الطريق الذي غدا سلوكه خياراً مصيرياً لا خيار غيره.
والآن وقد ثبت أن الأزمة السورية قد تحولت إلى حريق هائل ، من الخطورة والمخاطرة الإقتراب منه، فإنه كان على الأخضر الإبراهيمي إبن الثورة الجزائرية العظيمة وأحد رموزها ألاَّ يجازف ويعرض نفسه إلى ما تعرض له وإنه كان عليه أن يتجه إلى الداخل ، أي إلى داخل الجزائر، وأن يستمر في مشاركته المبكرة في نهوضها كما شارك في ثورتها وكل هذا وبخاصة أن هذا البلد قد ذاق مرارة الإقتتال الداخلي والعنف في سنوات العِسْرة التي عاشها في تسعينات القرن الماضي.
كان الأخضر الإبراهيمي مثله مثل عبد العزيز بو تفليقة أحد الذين أحاطوا بالرئيس الجزائري الأسبق هواري بو مدين الذي ترأس هيئة أركان الجيش الوطني الذي حقق ذلك الإنتصار العظيم للثورة الجزائرية التي تعتبر أهم ثورات القرن العشرين ولهذا فإنها كانت مجازفة غير محسبوة العواقب أن يقبل بالمهمة الأخيرة التي كُلِّف بها كمندوب للأمم المتحدة والجامعة العربية فالأزمة السورية تختلف كثيراً عن الأزمة اللبنانية التي كان أحد وسطاء حلِّها في مؤتمر الطائف والتي ثبت أنها لم تحل حتى الآن وان كل ما جرى كان بمثابة هدنة مؤقتة يبدو أنها قد وصلت إلى نهايتها بعد إرسال حزب الله ميليشياته للقتال ضد الشعب السوري وبناءً على أوامر إيرانية.