الرئيسة \  واحة اللقاء  \  الأراضي السورية واستعادة الهيبة الروسية

الأراضي السورية واستعادة الهيبة الروسية

12.10.2015
عبد اللطيف الملحم



اليوم السعودية
الاحد 11/10/2015
هناك تباين كبير لدى الكثير حيال أسباب التدخل الروسي في سوريا. وهو تدخل ليس سياسيا فقط، بل وعمل عسكري واسع بأسلوب مباشر دون الرجوع لأي منظمة دولية للتنسيق. ولكن لمعرفة أحد أهم الأسباب فلنعد إلى ما حدث في إقليم كوسوفوفي نهاية التسعينيات من القرن الماضي.
فالبرغم من كون يوغوسلافيا وبالأخص الصرب هم أكبر حليف لروسيا منذ القدم، إلا أن قوات الناتو قامت بقصفها لعدة شهور دون الرجوع وأخذ الإذن من الأمم المتحدة. وفي ذلك الوقت كانت روسيا في أضعف حالاتها، ولم تفعل شيئا لنصرة حلفائها التاريخيين. بل إن الطائرات الأمريكية كانت تمر بالقرب من السفن الروسية التي لم يكن لديها قدرة الرد أو حتى باجتياز سرعة محددة؛ بسبب نقص الإمكانيات فيما يخص الوقود. وكذلك كون السفن الروسية لم يكن لها أي قواعد اشتباك. وقد كان هذا الأمر أكبر ضربة للحرس القديم في حقبة الإتحاد السوفييتي.
وكان واضحا من المؤتمرات والندوات المتتالية أن الحرس القديم كان يشعر بمرارة ويريد أن يستعيد جزءا من كرامته، خاصة بعد أن كان الغرب هو من قام بدفع مصاريف تفكيك الرؤوس النووية الروسية، والإشراف على كل شيء؛ بسبب نقص الموارد بعد انتهاء الحرب الباردة.
ويقال إن الغرب وضع روسيا كأحد دول الثماني في القوة الاقتصادية هو في الحقيقة نوع من المجاملة. وهذا شيء لم تتقبله روسيا يوما من الأيام. وقبل حوالي سنتين قامت روسيا فعليا بسحب سفنها من الموانئ السورية بعد تلميح بسيط من أمريكا بالتدخل عسكريا. (وهنا بيت القصيد). فبعد تراجع أمريكا في التدخل عسكريا في سوريا وترددها فقد رأى الحرس القديم في روسيا بقيادة الرئيس الروسي وضابط الاستخبارات السابق فلاديمير بوتين أن تدخلها في سوريا له عدة مزايا. ولكن أكثرها هو استعادة الهيبة الروسية في الساحة الدولية عبر تدخلها في بلد ساحته مفتوحة ولن يهم عدد من يموت. فإن انقذوا حكم بشار الأسد فسيحسب لهم. وإن لم يستطيعوا فعلى الأقل يكون العالم قد رأى أنهم وقفوا بجانب حليفهم.
وبالمناسبة لا يوجد حلفاء لروسيا في الوقت الحالي سوى دول متآكلة. وحتى الدول التي كانت تحت مظلة موسكو سابقا مثل: بولندا فهي في الحقيقة دول تكن كراهية لروسيا. ولا يربط روسيا أي علاقة إستراتيجية بأوروبا سوى ما يخص إمداد الغاز وإستراتيجية مد الأنابيب الخاصة به. وفي الوقت الحالي يريد الروس بتدخلهم الواضح بأسلحة ذات كثافة نارية هي في الحقيقة ليست ضد الأفراد لأنها تريد تفادي الاستنزاف الذي أسقط روسيا بسبب تصادمها غير المباشر مع أمريكا في أفغانستان. ومرة أخرى هناك أسباب كثيرة حيال التدخل الروسي في سوريا. ولكن لا يجب إغفال رغبة القيادة الروسية والحرس القديم في استعادة جزء مما فقدوه من هيبتهم السياسية والاقتصادية والعسكرية ولم يجدوا غير أرض سوريا المستباحة لكي يستعيدوا كرامتهم.