الرئيسة \  واحة اللقاء  \  الأردن و"قواعد اللعبة" السورية

الأردن و"قواعد اللعبة" السورية

22.04.2015
محمد رمان



الغد الاردنية
الثلاثاء 21-4-2015
يمثّل البيان الذي أصدرته فصائل "الجبهة الجنوبية" المعتدلة، مؤخراً، ضد التعاون مع "جبهة النصرة" في المناطق الجنوبية السورية، خطوة جديدة من الخطوات التي تأتي بتنسيق دولي وعربي، من أجل "تحجيم" دور "جبهة النصرة" في المنطقة الجنوبية في سورية، بعدما بدأت الدول العربية وحلفاؤها الغربيون يشعرون بقلقٍ شديد من تمدد التنظيم في الآونة الأخيرة في تلك المنطقة.
منذ البداية، تميّزت الجبهة الجنوبية عن الشمالية بقدر أكبر من السيطرة العربية والغربية في تحديد دخول الأسلحة، والتعامل مع فصائل معينة في الجنوب. وهو ما يفسّر عدم تمدد "داعش"، وتأخر الإعلان عن الحضور الفاعل للنصرة في الجنوب.
"قواعد اللعبة" تغيّرت قبل قرابة عام، عندما قامت "النصرة" باعتقال أحمد النعمة؛ أحد أبرز قادة الجيش الحرّ، ورجل المحور العربي المحافظ في سورية. ثم انتقلت "جبهة النصرة" إلى الجنوب بعدما خسرت نفوذها في المنطقة الشرقية-دير الزور، أمام تنظيم "داعش"، فأصبحت المنطقة الجنوبية بمثابة "عاصمة" الجبهة، قبل أن تتمكن من تحقيق اختراق كبير مؤخراً في الشمال الغربي، إدلب، وتتمدد في تلك المنطقة.
خلال الأشهر الأخيرة من العام 2014 وبدايات العام 2015، شهدت المنطقة الجنوبية، التي تمتد من ريف دمشق وبعض أحيائها إلى درعا وريفها إلى ريف القنيطرة، حالة فوضى عارمة، سواء في اختراق حدود اللعبة بين النظام وحلفائه الإيرانيين من جهة والفصائل المسلحة من جهة أخرى، أو في صراع النفوذ بين هذه الفصائل نفسها.
فمنذ النصف الثاني في العام الماضي إلى بداية الشهر الحالي، جرت محاولات متبادلة ومتضادة لفرض قواعد جديدة للعبة في المنطقة الجنوبية. في البداية، تقدمت الفصائل الإسلامية و"جبهة النصرة"، ووصلت إلى مرحلة متقدمة بعدما سيطرت على ريف القنيطرة، وحققت انتصارات كبيرة في ريف درعا، واستهدفت العاصمة دمشق.
في مرحلة لاحقة، حاولت إيران ومعها حزب الله إعادة ترسيم قواعد النفوذ عبر حملة عسكرية كبرى في شباط (فبراير) من العام الحالي، للانقضاض على جنوب سورية. وتمّ الإعلان للمرة الأولى، عبر التلفزيون الرسمي السوري، عن قيادة قائد فيلق القدس الإيراني، قاسم سليماني، للمعركة، مع أبرز القيادات العسكرية لحزب الله، بالرغم من تحذير الأردن، عبر رسائل مهمة غير مباشرة، من القيام بهذه العملية، لما لها من آثار مباشرة وفورية ضد الأمن الوطني الأردني، بخاصة مع احتمال تدفق مئات الآلاف من اللاجئين الجدد.
وبالرغم من الانتصارات الآنية التي حققها المحور الإيراني في تلك المنطقة، إلاّ أنّ المعارضة السورية، مع "جبهة النصرة"، استعادت زمام المبادرة، وتمكنت قبل أسابيع قليلة من تحقيق مكاسب جديدة، كالسيطرة على معبر نصيب الحدودي، وبصرى الشام، واستعادة بعض التلال التي سيطر عليها النظام سابقاً، بالإضافة إلى العودة الفاعلة للقلمون.
تزامنت هذه التطورات المهمة مع إعلان الحرب على تنظيم "داعش"، وشمول "النصرة" في هذا الحملة، والبدء بترتيبات تدريب العشائر العراقية والفصائل السورية المعتدلة، وترتيب البيت السُنّي في العراق وسورية، والإمساك مرّة أخرى بخيوط اللعبة في المنطقة الجنوبية في سورية، عبر تشكيل جسم موحد كبير تحت عنوان "الجبهة الجنوبية" المعتدلة، وتحجيم "النصرة"، إن لم يكن إخراجها من الجنوب، بعدما فشلت محاولات دفعها للانفصال عن "القاعدة" من قبل شركائها الإسلاميين المحليين.
إلى الآن، هناك نجاح في "الحرب الباردة" على "النصرة" في الجنوب. لكن الرهانات تبدو أكثر اضطرابا في حال تحولت إلى "حرب ساخنة" وجودية؛ فيما إذا كانت الجبهة الجنوبية التي تتشكل من عشرات الآلاف من المقاتلين (أكثر من 35 ألف مقاتل) ستصمد عسكرياً، ولن تتفكك، أمام بضعة آلاف من مقاتلي "النصرة"!