الرئيسة \  واحة اللقاء  \  «الأزعر» الإسرائيلي يوجه رسائل متفجرة.. وطهران بانتظار دورها

«الأزعر» الإسرائيلي يوجه رسائل متفجرة.. وطهران بانتظار دورها

07.05.2013
رومان حداد

الرأي الاردنية
الثلاثاء 7/5/2013
الضربة الإسرائيلية للأراضي السورية تحتمل قراءات عديدة وتفتح مستقبل المنطقة على سيناريوهات متعددة، لا يستطيع أحد تبني أي سيناريو على إطلاقه، ولكنها في ذات الوقت تعطي مؤشرات واضحة لا يمكن تجاهلها، ويجب قراءتها أردنياً لأننا نحن من سنكون الأكثر ضرراً في حال انزلقت المنطقة من حافة الهاوية التي تقف عليها الآن.
بداية لا بد من تأكيد حقائق أساسية في قراءة المشهد، وأبرز هذه الحقائق هي أن إسرائيل قد ضربت بطيرانها أراضي عربية خلال فترة الأشهر الستة الماضية، الأولى حين حلقت لمسافة 1600 كيلومتر لضرب مصنع في عمق السودان، والثانية الغارات على سوريا، وفي كلا الحالتين لم تستطع الدولة المستهدفة الدفاع عن نفسها وإسقاط الطائرات الإسرائيلية أو الرد على الهجوم بهجوم معاكس.
الحقيقة المرّة الأخرى هي أن الجسم العربي تعاطى مع الحادثين بهدوء وبرودة أعصاب، والاستنكارات التي خرجت رداً على الهجومين الإسرائيليين استنكارات مستحية، وصرنا نتمنى سماع استنكارات (زمان) حين كانت تحمل التهديد والوعيد والحق بالرد، فحتى الكلام (اللي ماعليهوش جمرك) صار صعباً أن يقال، في هذا الزمن السياسي العربي الرديء.
الضربة الإسرائيلية الأخيرة حملت رسائل عدة إلى جميع دول المنطقة، فالرسالة لدمشق واضحة، وهي أن إسرائيل تراقب عن كثب الوضع السوري، وترفض تصدير الأزمة السورية عبر فتح جبهات قتال بالوكالة، وهي في حال تدخلها في الصراع السوري قادرة على قلب موازين القوى، وأن الجيش السوري بأسلحته جميعها قادر على مواجهة الاضطرابات الداخلية وليس دخول حرب إقليمية.
أما الرسالة إلى حزب الله فهي أنه قادر على القيام بمحاولات الدفاع عن وجوده عبر التحالف مع النظام السوري والاصطفاف مذهبياً وطائفياً، ولكن محاولاته لاستعادة عمقه العربي الإسلامي عبر افتعال معركة في مواجهة إسرائيل فذلك أمر محال، ولن تسمح به إسرائيل، فالاستثمار الغربي على مدى أعوام لتغذية النعرات الطائفية والمذهبية في المنطقة لا يمكن السماح بمحاولات هوجاء لتدميره.
أما الرسالة الموجهة لطهران فهي الأبرز، فطهران تدرك اليوم أكثر من أي وقت مضى أنها غير قادرة على فتح جبهات خارجية للهروب من الأزمات التي تواجهها على المستوى الاقتصادي والاجتماعي والسياسي، وأن الضربة العسكرية المتوقعة لأحد مواقعها النووية ستأتي خلال الفترة القادمة من الطيران الإسرائيلي، وأن الدول التي ستعبر الطائرات الإسرائيلية لضرب الأهداف الإيرانية هي دول حليفة لإيران (سوريا والعراق) وغير قادرة على منع الطائرات الإسرائيلية، وبالتالي فإن الضرب في عمق الأراضي الإيرانية سيؤزم القيادة الإيرانية وموقف الجيش والحرس الثوري الإيرانيين.
الضربة الإسرائيلية كشفت الحالة التركية التي في حقيقتها تبحث عن مصالحها وجاهزة للتحالف مع إسرائيل أو على الأقل غض الطرف عما تقوم به إذا كان السلوك الإسرائيلية يدعم الموقف التركي، ورأت تركيا في الضربة الإسرائيلية فرصة كي تعتبرها سابقة يمكن استخدامها لاحقاً مع النظام السوري إذا اضطرت تركيا التدخل المباشر لحسم الموقف أو ترجيح الكفة التي تدعمها على كفة النظام السوري.
في وسط هذه المناطق المتفجرة على الأردنيين أن يقرأوا بصورة صحيحة، فمن روّج سابقاً أن الطائرات الإسرائيلية تستخدم الأراضي الأردنية للتجسس على السوريين كان كاذباً وجاءت الغارات الاسرائيلية لتثبت كذبه، فهذه الطائرات ضربت أهدافها السورية في عمق الأراضي السورية عبر مرورها من الحدود السورية الإسرائيلية، وعلى الرئيس السوري أن يهدأ حين يقرأ المشهد، وأن لا يصاب بحالة رُهاب من الجميع ويبدأ بتوزيع اتهاماته وتهديداته باتجاه الأردن.
الأردن لا يتدخل بالصراع السوري، والاردن يريد الحل السياسي الذي يخرج سورية الدولة والشعب من حالة الدمار المستمر، والحفاظ على وحدة الأراضي السورية والشعب السوري، ولكن على الاردن أن يكون حذراً من أن يتم استدراجه لمعركة لا يريدها ولا علاقة له بها، فرغم ثقتنا بالإدارة الحكيمة لجلالة الملك، إلا أن تسارع الأحداث وتغيير المسارات غير المتوقع يجعل اصطفافنا وتوحدنا ضرورياً على موقف محدد.
الأيام القادمة ستشهد تطورات متسارعة ويبدو أننا موعودون بصيف حارق، وطبول الحرب الإقليمية لإعادة تموضع الدول الكبرى عالمياً في الإقليم بدأت تزداد حدة، فالولايات المتحدة كشرطي للعالم وكلت حارتنا (الشرق الأوسط) للأزعر والبلطجي الإسرائيلي، فأي أمل ننتظر.