الرئيسة \  واحة اللقاء  \  الأزمة السورية: اللعبة انتهت!

الأزمة السورية: اللعبة انتهت!

10.10.2013
جهاد المنسي


الغد الاردنية
9/10/2013
الحقيقة الواضحة حاليا هي أن الرهان على نهاية عسكرية لما يحدث في سورية بات من الماضي. وعلى كل عاقل التوقف قليلا، وإعادة رسم مواقفه بناء على المعطيات الجديدة التي تحصل على الأرض.
خلال السنتين الماضيتين، لم يكن ما يجري في سورية مطالبات صرفة بالحرية وحق التعبير، وإن انطلق البعض من هذا المنطلق. ولا يمكن لعاقل أن يجادل في حق الشعب السوري في الحريات العامة والتعبير والديمقراطية. بيد أن تلك المطالبات لم تستمر سوى لفترة محدودة، ليسرق هذا الحق بفعل عوامل وتدخلات خارجية وإقليمية.
حق الشعوب في الديمقراطية، سواء أكان الشعب السوري أو أي شعب آخر، لا جدال فيه. غير أن ما جرى ويجري في سورية لم يكن ذا صلة بالحريات العامة والديمقراطية والحق في التعبير، وإنما هدفه الواضح لكل صاحب بصيرة، هو تفتيت الوطن السوري، فيما بديل النظام لا يمت للديمقراطية والحرية بصلة، ولعبت ارتباطاته مع دول محورية وإقليمية، لا تؤمن بالديمقراطية، دورا في كشف مراميه.
ونزولا عند هذا الواقع، بات واضحا لكل صاحب رؤية ورسالة، أن ما يجري وجرى لا يندرج تحت مسمى ديمقراطية أو حرية، سوى من خلال حروف الكلمة فقط، فما أريد من هذا الشعار كان فقط تفتيت الوطن السوري، وإزاحة النظام بأي شكل، ولم يكن البديل المقترح ديمقراطيا أو مؤمنا بحرية، وشواهدنا على ذلك كثيرة، ربما أبرزها وأهمها استقدام "الناتو" لقصف الوطن السوري.
انتهت اللعبة، وما يجري حاليا إعادة تموضع لكل الأطراف التي تدخلت في الجغرافيا السورية، سواء سلبا أو إيجابا. وهذا يتطلب قراءة الخريطة من جديد. وسيؤدي ذلك إلى تراجع دول كانت سابقا رأس حربة فيما يجري على الأرض السورية، وبروز أخرى، وفقا لمعادلات دولية جديدة، فرضت نفسها مؤخرا. وذلك يعني انكفاء تيارات سياسية ودول كانت تدعو لإزاحة النظام القائم في سورية، وتقديم بديل أثبتت الأيام والمعطيات على الأرض أنه كان مجرد أوهام وأحلام، لا يجوز البناء عليها.
أثبتت الأحداث أن الأرض السورية عصية، وقادرة على مقاومة رياح المذهبية والطائفية والتقسيم والتدويل، وأجبرت الكثير من أصحاب هذه الدعوات على الانكفاء أو إعادة التموضع من جديد.
نهاية ما جرى في سورية لم تكن بالمطلق كما خطط لها البعض؛ عمل عسكري وينتهي النظام، وتفكك الدولة، ويسرّح الجيش، ويعاد ترتيب الأوراق من جديد، بناء على الوصفة الغربية وبعض الأجندات العربية، وأن تعاد تجربة ليبيا والصومال وأفغانستان ودول أخرى. بقيت سورية صامدة بفعل التلاحم الحقيقي، والمعارضة الراشدة، التي أبت بيع الوطن السوري بحفنة دولارات، ورفضت القتل على الهوية والجنس والدين، وفضحت دور المتشددين والأصوليين ومن يتعامل معهم.
بالمجمل، لا يجوز الخلط بين من يطالب بالديمقراطية والحرية، ويرفض التدخلات الخارجية وتقسيم سورية، وبين من يقتل وينهب ويسلب ويسبي، ويحض الأجنبي على التدخل في سورية.
قالوا في الأمثال: من لا يرى من الغربال أعمى. وبعض هؤلاء، بل سوادهم، لا يرى إلا بعيون أميركية. والعين الأميركية التي كانت ترشدهم وتدلهم، باتت تنظر إلى جهات أخرى، أكثر أهمية منهم، فهناك مشاكل أساسية تهم المواطن الأميركي، تتعلق بحياته واقتصاده ومستوى معيشته والضمان الاجتماعي والتأمين الصحي، أكثر من اهتمامه بالشرق الأوسط، ومشاكله المتنوعة.
هذا الواقع الجديد لا يبدو واضحا وجليا لعواصم عربية ولغيرها، لهؤلاء نقول: انتهت المباراة، وانتظروا تعليمات جديدة.