الرئيسة \  واحة اللقاء  \  الأزمة السورية.. مكانك سر

الأزمة السورية.. مكانك سر

23.07.2013
حازم مبيضين

الرأي الاردنية
الثلاثاء 23/7/2013
تؤشر التطورات على الساحة السورية، إلى أن الحرب هناك ليست في وارد التوقف في المدى المنظور، وذلك بعد أن شهدت تحركات الثوار، حالةً كبيرةً من التدهور، خلال الشهور الثلاثة الماضية، ولم يعد واضحاً الآن من يُحارب الأسد، في ظل تقييمات استخبارية تقول، إنّ معظم السوريين، الذين يشاركون في الثورة المسلحة، ضد بشار وقواته، ومعهم الجيش السوري الحر، لم يعودوا يقاتلون نظام الأسد، وأنّ المقاتلين الأجانب هم من يواصلون المعركة، ومُعظمهم من المنتمين للقاعدة، وأن جيش الأسد، مدعوماً من إيران وروسيا، سيستولي على كبرى معاقل الثوار، باستثناء الجزء الشمالي من البلاد، بحلول نهاية العام الحالي.
تذهب تلك التقييمات، إلى أنّ المعركة في سوريا، تدور بين نظام وحشي ومجموعة من المتطرفين، تشمل تنظيم القاعدة وجبهة النصرة ومجاميع السلفيين، ما يدفع القوى الغربية، الراغبة بحدوث تغيير ديمقراطي في سوريا، للامتناع عن تنفيذ وعودها، بتزويد معارضي الأسد بالأسلحة، خشية وقوعها بيد المتطرفين، ويقود ذلك بالضرورة، إلى تبنّي خيار الحوار بين الطرفين، وهما إذ يرفضان ذلك اليوم، فإنّ تركهما يقتلان بعضهم بعضاً سينهكهم، و يجبرهم في نهاية المطاف على التفاوض، لإيجاد تسوية أو لتقسيم البلاد، وعندها سيكون دورالعالم «المتحضر» تقديم المساعدة الإنسانية لضحايا ذلك الصراع الدموي.
 في واقع الأمر، فإنّ سوريا تشهد اليوم ما لايقل عن عشرة حروب، يشارك فيها الجيشان النظامي والحر، جبهة النصرة والقاعدة وحزب الله، الكرد والتابعون لدولة العراق والشام الاسلامية، المعتدلون مع المتطرفين، إيران وروسيا ودول الخليج، تركيا ودول الناتو، غير أن الأبرز في الصورة، هو أنّ عناصر الجيش الحر، يتعرضون للهجوم من قبل النظام والجهاديين في آن معاً، في حين يخلط الغرب، رغم قدراته الإستحبارية، بين المعارضة و القوى المتطرّفة، وهو يضع النظام ومعارضيه في نفس الدائرة من السوء، حين يُقر بأن النظام يحمي المسيحيين والأقليات، فيغض النظر عن انتصار حزب الله للنظام على قاعدة «فُخّار يكسّر بعضه».
تقف سوريا اليوم أمام تطورين رئيسين، يتمثلان باحتمال إعلان دولة القاعدة، التي منيت مثيلتها بالفشل في العراق، ما يُمثّل الخدمة الأعظم للنظام، إذ ستكون مُهمتها الأساس إنهاك الجيش الحر، في حين ينصرف الاهتمام الدولي، إلى محاولة درء خطرها، بدل الاهتمام المتضائل بإسقاط النظام، والتطور الثاني هو إعلان حكومة غرب كردستان، التي تمتلك نظرياً مقومات أفضل، إذ تؤكد حلم الكرد القومي في حق تقرير المصير، وتمكّنهم للمرة الأولى من نيل تمثيل سياسي مستقل، لكن المُعطيات النظرية غير كافية إطلاقاً، والواضح أن الكرد السوريين يستلهمون تجربة إقليم كردستان العراقي، لكنهم لايلاحظون حجم التفاهمات الدولية التي أدت لولادته، وهي غير متوفرة للكرد السوريين اليوم.
 لاتواجه المعضلة السورية اليوم، مجرد صراع إرادات، بين الجيش الحرمن جهة، والمتطرفين وجيش النظام من جهة ثانية، وإنما صراع مصالح دولية، تدفع بها إلى المراوحة في المربع الذي حدّدته تلك المصالح، ليشكل نقطة انطلاق نظام جديد، والواضح أنّ ذلك يؤكد أن التوصل إلى حل، يعيد الهدوء الى بلاد الشام، يبدو بعيد المنال، وأن الأزمة مستمرة إلى مدىً غير منظور، بينما يواصل السوريون دفع الأثمان الباهظة، من دم أبنائهم ومقدرات وطنهم، التي يجري تدميرها على يد الأخوة الأعداء.