الرئيسة \  واحة اللقاء  \  الأزمة السورية والبديل السياسي

الأزمة السورية والبديل السياسي

27.02.2018
فراس سعد


القدس العربي
الاثنين 26/2/2018
في لقاء مع مجموعة من المثقفين الألمان تناول شؤون وشجون الثورة والحرب في سوريا طرح بعضهم بقلق واضح مسألة البديل عن النظام في حال سقوطه أو تمت تنحيته! إنه سؤال أساسي إن لم نقل إنه السؤال الذي يهم الجميع
ولم يجد أحد إجابة عليه ترضي كل الشعب السوري وتقنع أطراف الحل والربط الدولية.
قلنا للأصدقاء الالمان، متفهمين خوفهم وقلقهم، إن الوضع الحالي في سوريا لا يتحكم به النظام ولا يؤثر فيه فعليا فهو فقد القرار والسيادة منذ سنوات، ولا يعدو وجوده أكثر من أن يكون أداة بيد الآخرين روسيا وإيران، فمن السهل استبدال النظام الحالي لو أراد الروس والإيرانيون ووافقهم الأمريكان والإسرائيليون بكيفية وتركيبة ترضي الجميع بمن فيهم الأتراك.
من ناحية أخرى قلنا لأصدقائنا إن ما حدث ويحدث في سوريا هو أسوأ مما كنا نتوقعه لو سقط النظام أو أجريت عملية جراحية له، فلم الخوف من سقوط النظام أو ازاحته إذن؟
لقد طالت الثورة السورية وتبعتها الحرب أو حرب الآخرين في سوريا وعليها، سبع سنوات، لأسباب شتى، أحدها أن الدول الداعمة للنظام وكذلك الدول الرافضة له لم تجد عنه بديلا !
وهذه حقيقة من الأسباب التي ترتقي لتكون من لامعقولات التراجيديا السورية، فمسألة عدم وجود البديل عن الرئيس الحالي عدا عن كونها غير منطقية فهي من حيث الشكل والطرح ليست السبب الجوهري في استمرار الحرب. المسألة الجوهرية هي أن روسيا لا تريد نظاما إسلاميا في سوريا، وتتناغم مع هذا الطرح كل الدول الفاعلة الداعمة والرافضة لنظام الأسد، فمن الطبيعي ألا يرضى أحد بنظام إسلامي في سوريا بما في ذلك إيران الإسلامية وتركيا الإسلامية العلمانية ولا السعودية الإسلامية الملكية. نظام إسلامي في سوريا يعني "نظام
غير علوي" أو "نظام سني" وهو ما يرفضه الروس وإيران على الأقل علنا، الأمر الذي عبر عنه وزير الخارجية الروسي أكثر من مرة.
هناك ثلاثة حلول في اعتقادنا لهذه المعضلة التي خلقها النظام وحلفاؤه الرسميين أو غير المباشرين المشاركين في الصراع السوري التراجيدي بدون استثناء بمن فيهم المحسوبون كأصدقاء للشعب السوري.
الحل الأول يتمثل بـ "اللابديل" أي أن يبقى الشعب السوري من دون رئيس جمهورية كما بقي الشعب اللبناني سنتين كاملتين من دون رئيس جمهورية في الفترة الممتدة بين شهر مايو/أيار سنة 2014 إلى منتصف سنة 2016 ويمكن لمجلس رئاسي مكون من ثلاث أو أربع شخصيات أن يحل محل الرئيس، يتم تعيينهم من الجامعة العربية وهيئة الأمم المتحدة بالتشاور مع الدول المعنية وهي روسيا وأمريكا وإيران وتركيا والاتحاد الأوروبي، على أن يكون من مهمات المجلس الرئاسي تسيير أمور البلاد وصولا إلى بداية الفترة الانتقالية. الحل الثاني أن يتم إسقاط فكرة البديل لرئيس الجمهورية وأن يلغى هذا المنصب نهائيا من الدستور ويحل بدلا عنه منصب رئيس الوزراء حائزا على أكثر صلاحيات الرئيس يساعده عدد من النواب المختصين. الحل الثالث هو أن تسحب الصلاحيات من منصب وشخص رئيس الجمهورية وتسلم للبرلمان المنتخب الذي ينتخب بدوره من بين أعضائه رئيسا بصلاحيات أو رئيسا اسميا من دون صلاحيات بحيث يبقى رئيس الوزراء هو المسؤول عن تسيير شؤون البلاد.
أما بالنسبة للشعب السوري فقد أثبتت السنوات الأخيرة أنه وحده الجدير بتسيير شؤونه الضرورية وتجربة المجالس المحلية المدنية ماتزال أمامنا في معظم المدن
خارج سيطرة النظام بحيث أن جمهور تلك المدن والبلدات السورية استطاع انتخاب مجالس محلية مسؤولة عن تسيير جميع شؤون المدن والبلدات وقد نجحت هذه التجربة بشكل مدهش لاسيما بعدما تجنبت الوقوع في حبائل البيروقراطية أو الفساد وهو ما لا يستطيع النظام الحالي ولا أي نظام بديل أن يتجنبه أو يضمن عدم التورط فيه.
 
كاتب سوري