الرئيسة \  واحة اللقاء  \  الأزمة السورية والحسابات الخاطئة

الأزمة السورية والحسابات الخاطئة

29.05.2014
رأي البيان



البيان
الاربعاء 28/5/2014   
لا غرابة في أن تتقلص مساحة التغطية الإعلامية للجانب السياسي في الأزمة السورية، فبعد أكثر من ثلاث سنوات من انسداد سبل الحل، لم يبق سوى الإعلان عن "موت السياسة" في سوريا، وسيادة اللغة العسكرية بين أطراف الصراع.
وكانت استقالة المبعوث الأممي العربي المشترك، الأخضر الإبراهيمي، تأكيدا لأفول نجم الحل السياسي لهذه الأزمة، وهي استقالة كانت متوقعة قبل إعلانها بشهور، إلا أن الرغبة الدولية ربما في إيهام المراقبين بأن الجهود السياسية مستمرة، وإنْ كانت في غرفة الإنعاش، كانت وراء تأخير الإعلان.
لم يعد التحايل ممكناً الآن.. الأوراق المتبقية في الساحة هي العسكرية فقط، مما يعني استمرار "اللا أفق" لنهايته من القتل والتدمير.
وجانب من سبب تراجع إمكانية الحل السياسي، هو خطأ في حسابات بعض الجهات الدولية، سواء مراكز صنع القرار أو دوائر رسمية، ترى أن استمرار الحرب متعددة الأطراف في سوريا يعينهم على التخلص من المتطرفين، عبر توجه هؤلاء إلى سوريا والمشاركة في القتال الدائر فيها.
إلا أن تجارب سابقة في دول عديدة عاشت صراعات طويلة على النمط السوري، أثبتت أن التطرف بيئة خاصة لها أسسها، وليس مجرد أفراد ينتهي التطرف بالتخلص منهم.
وهذا يقودنا إلى القول إنه كلما امتد الصراع في سوريا وزاد اتساعه، كلما خلق بيئة أكثر ملاءمة للتطرف في العالم، وبالتالي فإن طرح مبادرة جديدة للحل برعاية دولية، والسعي لتطبيقها وإلزام كافة الأطراف بالتقيد بها، هو جزء أساسي في جهود الاستقرار الدولي ونشر قيم الاعتدال.
وهذا يقتضي قبل كل شيء إعادة الاعتبار لـ"السياسة" كوسيلة للحوار وحل الصراعات، لأن فقدان الإيمان بالسياسة يفتح المجال أمام المتطرفين لاستغلال ذلك، والترويج لفكرة الحل عبر القوة المتحللة من السياسة.
إعادة الاعتبار للسياسة يكون بتمكين القوى الممثلة للمعارضة السورية من تلبية احتياجات السوريين، وقيامها بدور بديل عن النظام، سواء في التعاملات الإدارية أو الإغاثية الخاصة بالسوريين، لأن ضعف التمثيل السياسي للسوريين المعارضين سيدفعهم إلى الاعتماد التام على القوة العسكرية أو الجهات التي تمتلكها وتتحكم فيها، من دون أن يعني لهم كثيراً مدى توافقها مع فكرة بناء سوريا جديدة تعتمد على دولة المؤسسات والقانون.