الرئيسة \  واحة اللقاء  \  الأسد بين ‘لائحة شندلر’ الألماني و’لائحة سيزر’ السوري

الأسد بين ‘لائحة شندلر’ الألماني و’لائحة سيزر’ السوري

15.02.2014
إيلاف ياسين


القدس العربي
الخميس 13/2/2014
قائمة شندلر؛ أو ‘لائحة شندلر’ حدثٌ من فظاعات الحرب العالمية الثانية طواه النسيان إلى حين، ثم أميط عنه اللثام بعد تورط دول الغرب وشرطي العالم – أمريكا في حروب مدمرة في ‘ الخليج الأولى والثانية ‘ وقبيل احتلال العراق بقليل.
وقائمة شندلر كتاب لتوماس كينلي يحكي قصة الصناعي الألماني المسيحي أوسكار شندلر، الذي أنقذ حياة 1100 يهودي بولندي من القتل في المحرقة الألمانية إبان الحرب العالمية الثانية.
عشية الجولة الأولى من مفاوضات جنيف 2 خرجت علينا من دفائن حرب التطهير والإبادة الجماعية وفظاعاتها في سوريا ‘لائحة سيزر أو قيصر’ الضابط السوري في الشرطة العسكرية في جيش بشار الأسد، الذي استطاع أن يوثق وخلال عامين متتالين بعد انطلاق الثورة – بالصورة والرقم والتاريخ وعبر 55 ألف صورة، وقائع وفظائع وجرائم: قتل وذبح وخنق 11 ألف شاب سوري في سجون فروع المخابرات السورية، التي وردت إلى مشفى تشرين العسكري بدمشق لتلفيق تقارير من الطب الشرعي العسكري فيها، تقضي حتماً بأن الوفاة طبيعية وبتقارير موثقة ليفلت مجرم العصر من ارتكاب أكبر جريمة في العصر الحديث.
و’لائحةشندلر’ التي جسدها المخرج الأمريكي اليهودي ستيفن سبيلبرغ في عام 1993في فيلم (Schindler’s List) لإظهار فظاعات النازية، تعتبر ترفاً قياساً ب’لائحة سيزر’ السوري، من حيث السبب والنتيجة.
وقد سوّق سبيلبرغ فيلمه ‘لائحة شندلر’ تحت شعار تحمله آية من التلمود تقول: ‘من أنقذ روحاً فقد أنقذ العالم بأسره’.
أما ‘لائحة سيزر’ السوري وصوره، فقد حملت إلى الرأي العام والجهات الحقوقية العالمية – حكاية قتل 11 ألف سوري بريء معصوم دمه على يد النازية الجديدة في سجون ومحارق بشار الأسد ومدافنه الجماعية.
- اختلف مضمون حكاية اللائحتين، الأولى: رصدت إنقاذ حياة 1100 بريء، والثانية رصدت مقتل 11 ألف سوري بريء، لكن الفاعل والقاتل واحد ‘النازية القديمة الجديدة’ والقتل واحد.
والغريب في الأمر أن أمريكا وباراك أوباما يعلمان بأمر لائحة ال55 ألف صورة السورية، ولم يحركُ، أو تحرك أمريكا ساكناً للإمساك بمجرم العصر وعصاباته الهمجية العنصرية، بل أطلقت يده على رقابنا وراحت تتلهى وتركض وراء صفقة الكيماوي مع بشار، ووراء وهم صفقة الملف النووي الأمريكي – الإيراني، وتركت كل جيوش الظلام الطائفية – ومعها المرتزقة الدولية على أرض سوريا وهي تَئِدُ ثورة سوريا المباركة في جنيف2 مع اللاعبين الصغار من ‘أوروبا ومعهم روسيا ‘ التي صدقت وهمَ أنها دول عظمى وهي تضع يدها في يد القاتل بشار وإيران.
وعلى الرغم من أن قطرة دم واحدة من سجين سوري قتيل تساوي ملك الدنيا وما فيها، إلا أن ‘لائحة سيزر’ أو قيصر السوري؛ أو سجل الموت وجريمة العصر الكبرى هي كنز الثورة السورية الدفين الذي ما كان ليظهر للناس والرأي العام كوثيقة اتهام دامغة لولا فضل دولة شقيقة دأبت على احتضان قضية الشعب السوري- رغم كل ما أصابها من تجريح وأذى  ودعم ندائه بالحرية، وقد فعلت هذا لتسوق القتلة إلى العدالة الدولية بالجرم المشهود – وهذه المرة بوثائق بشار الأسد وكاميراته وبصمته المجرمة على أجساد 11 ألف شاب طاهر بريء من أهل الشام.
 في أولى أيام الجولة الثانية من جنيف 2، لابد من إعادة تذكير المفاوضين من الائتلاف السوري المعارض أن 11 ألف والدة تنتظر الإجابة على أسئلة قلبها اللاهجة، من قتل ولدها وعرى عظامه؟ ومن راقب روحه تنسل ببطء من جسده النحيل معلنة نهاية مأساته وبداية مآسيها؟
- في أول أيام الحلقة الثانية من مسلسل جنيف 2، تتضارب التصريحات والتحليلات والسيناريوهات وتبقى الاسئلة الملحة ذاتها، وتبقى الإجابات ضائعة تنتظر من يهتدي إليها أو يهديها السبيل، وتبقى معلقة في الذاكرة البصرية لكل سوري مئات الآلاف من الصور الدامية لوجوه أبناء الجلدة والأحبة والأهل والجيران تنتظر العقاب العادل لقاتلهم، لا أن تتحول لورقة ضغط في سلسلة جولات ومفاوضات تبدو لا نهائية، ولا أن تكون سبقا صحافيا أو محورا لندوة تلفزيونية. إكرام الميت دفنه.. وإكرام صور جثث الأحبة انصاف أصحابها.
 ‘كاتبة واعلامية سورية