الرئيسة \  واحة اللقاء  \  الأسد سيدفع لا محالة ثمن ما فعله بشعبه

الأسد سيدفع لا محالة ثمن ما فعله بشعبه

18.11.2013
صالح القلاب


الرأي الاردنية
الاحد 17/11/2013
الآن وبعدما وصلت الأزمة السورية، أو المأساة السورية، إلى نهاية طريقٍ مسدود وباتت الكثير من وجهات النظر تؤكد على أن هذا الصراع، لأن سوريا أصبحت ساحة لحسم الخلافات الإقليمية والدولية، قد يمتد إلى سنوات طويلة بعدما تمكن هذا النظام، الذي ثبت أنه لم يعد يهمه إلاَّ الإستمرار وبقاء المجموعة الحاكمة في السلطة، من تحويله إلى حربٍ طائفية كريهة وبغيضة بفتح أبواب بلده إلى ميليشيات حزب الله والميليشيات المذهبية المتواصل تدفقها من العراق وكل هذا بالإضافة إلى فيلق القدس والحرس الثوري الإيراني.
وكذلك ولأن كل فعلٍ يؤدي إلى ردِّ فعل إنْ ليس مثله فأسوأ منه فقد إستقطب هذا الصراع، بعدما حوله الإيرانيون إلى حرب طائفية لم يعد بالإمكان إغماض العيون عنها والإدعاء بعدم رؤيتها وإنكارها، مجموعات وجماعات طائفية مضادة من كل حدبٍ وصوب.. وهكذا فقد إختلط الحابل بالنابل وباتت أقل التوقعات والإفتراضات تشاؤماً تتوقع عقداً كاملاً لهذه المأساة التي بعد كل هذه الفترة إتخذت مسارات خطيرة متعددة.
والمشكلة أنَّ هذا الحكم المستمر منذ أكثر من أربعين عاماً قد دمَّر الحياة السياسية في سوريا تدميراً كاملاً وجعل أنه، عندما وقعت الواقعة وبدأت هذه الهبة الشعبية العفوية في آذار (مارس) عام 2011، لم يكن هناك لا تنظيماً ولا حزباً سياسياً لا فعلياً ولا وهمياً بإستطاعته الإمساك بمقاليد الأمور وإستيعاب كل هذه التشكيلات التي تحولت إلى فصائل مسلحة بأسماء مختلفة لا يربط بينها أيُّ رابط وهذا في حقيقة الأمر ما بقي نظام بشار الأسد، الذي وقفت أجهزته وراء بروز العديد من هذه الفصائل، يراهن عليه وبقي يستغله لتشويه إنتفاضة الشعب السوري و»بهْدلة» ثورته.
وهنا فإنَّ ما لم يدركه هذا النظام وما لم تدركه أجهزته أنه هو من سيدفع بالتالي ثمن هذا التشرذم وثمن كل هذه «الفوْضى» المسلحة وأيضاً ثمن كل هذه التدخلات الإقليمية والدولية في الشؤون السورية الداخلية والمثل يقول :»يداك أوكتا وفوك نفخ» وهكذا ولأن القرار في هذا البلد لم يعد قرار بشار الأسد بل قرار القوى الخارجية المتدخِّلة فإنَّ نهاية هذا الصراع ستكون بعيدة جداً وإن الخاسر بالنتيجة سيكون هو وأقاربه وأعمامه وأخواله ومن يلتف حولهم من «المؤلفة قلوبهم» وكل هذا وسواء عُقِدَتْ جنيف الثانية أو لم تعقد.
ولعل ما لم يدركه هذا النظام، في ظل كل هذه الفوضى التي باتت تعيشها سوريا وفي ظل تجاوز التدخلات الخارجية الإقليمية والدولية كل الحدود، أنه سيصبح عبئاً ثقيلاً على كل هؤلاء المتدخلين جميعهم وإنَّ حتى حلفاءه، وفي مقدمتهم إيران وكل هذه الشراذم الطائفية الخسيسة، سيجدون أنفسهم ذات يوم قريب أو بعيد مجبرين على «بيْعِه» والتخلي عنه وعندها :»وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيّ مُنقَلَبٍ يَنقَلِبُونَ» وعندها أيضاً فإن هؤلاء قد يندموا ولكن عندما أصبح الندم متأخراً وغير نافع ولا يحل أي مشكلة.
لقد كان على بشار الأسد، بدل أن يفتح أبواب سوريا لكل «من هبَّ ودبَّ» ويحوِّل هذا البلد إلى ساحةٍ للصراعات الإقليمية والدولية والمذهبية والطائفية، أن يتصالح مع «شعبه» منذ البدايات وأن يتخلى عن حكم، شربت منه عائلته حتى الثمالة، ما دام أنه سيتخلى عنه في النهاية رغم أنفه.. لقد كان عليه ألاَّ يضع نفسه كمجرد لعبة صغيرة في أيدي الروس والإيرانيين وفي يد حسن نصر الله، الذي وصل به التبجُّح إلى حدِّ القول أنه لولا تدخل حزب الله لأنهار نظامه، أي نظام بشار الأسد، ولما إستطاع الصمود لأكثر من ساعتين،.. ثم ولقد كان عليه، أي الرئيس السوري، ألاَّ يقحم الطائفة العلوية الكريمة في عملية التجييش الطائفي هذه وذلك لأن هذا سيجعلها تدفع الثمن غالياً هي أيضاً في النهاية فهي تعيش في محيط سنيٍّ متلاطم ويخطئُ جداً من يعتقد أنَّ الإبادة الطائفية التي شنها ولا يزال يشنها هذا النظام وحلفاؤه الطائفيون على «الغالبية» السورية لن تؤدي إلى عمليات ثأرية دموية ضد العلويين الذين إختُطفواإختطافاً وأُقحموا في هذه الحرب المذهبية القذرة التي من المفترض أنها ليست حربهم وأنه ليست لهم علاقة بها.