الرئيسة \  واحة اللقاء  \  الأسد ضد المقاومة والممانعة

الأسد ضد المقاومة والممانعة

29.10.2013
منار الرشواني


الغد الاردنية
الاثنين 28/10/2013
في جعل سورية استثناء عربياً وإنسانياً؛ بحيث لا تستحق أدنى درجات الإصلاح والتغيير، ولو على مستوى إطلاق سراح معتقلين، أو منح شهادات وفاة للموتى منهم تحت التعذيب غالباً، وصولاً إلى تسوية أوضاع المهجرين من بلدهم منذ عقود.. اختبأ أنصار نظام الأسد، ابناً وأباً، خلف ورقة توت "المقاومة والممانعة". باسم هذه الأخيرة، تم تصوير مطالبة المواطن السوري بأبسط حقوقه الإنسانية على أنها خيانة وعمالة؛ تستدعيان حتماً تأييد تصفيته بل والاحتفاء بذلك، حتى يوم كان التظاهرات سلمية، وكان الشامتون بمعاناة هذا الإنسان يحتفلون بثورتي تونس ومصر على من هم أقل من الأسد استبداداً وفساداً!
وفق هذا المنطق اللامنطقي والمشوه، يروّج الأنصار ذاتهم أيضاً لما يسمونه "نصراً!" يحققه بشار الأسد اليوم على الثورة التي يُراد لها طبعاً أن تتطابق مع "القاعدة" المُصنعة والمدربة في أجهزة الأمن السورية العديدة (المعلن عنه هو 17 جهازاً)، لغايات التصدير إلى العراق ولبنان وسواهما.
لكن، هل يستطيع أي كان الادعاء أن مثل هذا "النصر" المزعوم، أو الموهوم، هو أيضاً انتصار لـ"المقاومة والممانعة" التي لأجلها تم تخوين الشعب السوري؟ الحقيقة الواضحة، على لسان الأسد قبل أي أحد سواه، هي العكس تماماً: بقاء الأسد هو ما سيُنهي حتماً كل شكل من أشكال المقاومة والممانعة في وجه إسرائيل.
ففي كل مقابلاته "الواثقة"، يكيل الأسد الشتائم لدول عربية عديدة، في مقابل مطالبة لحوحة وودودة بالحوار مع "السيد" الأميركي. وهو يدعم ذلك بعرض العودة إلى التعاون المشهود به غداة انطلاق "الحرب على الإرهاب" في العام 2001، يوم كان نظام المقاومة والممانعة ذاته وكيلاً عن الولايات المتحدة في أداء المهام القذرة بتعذيب المشتبه بهم أميركياً، من أمثال المواطن الكندي من أصل سوري ماهر عرار.
باختصار، غاية الأسد إثبات كفاءته وتفوقه على من سواه إقليمياً وفق معايير "الحاجة الأميركية"، أملاً في رضا وتحالف مستقبليين.
أهم من ذلك، ولعله المحرك الأساس لما سبق، هو الموقف المتحول لإيران التي شكلت وحدها عماد معسكر "الممانعة والمقاومة". فبانتظار إتمام الصفقة الأميركية-الإيرانية المؤكدة، تبرز منذ اللحظة خطوات التطبيع المتسارعة مع الولايات المتحدة، حد تنظيف شوارع إيران من الشعارات المسيئة للشيطان الأكبر "سابقاً" حليف الغد القريب. وهكذا صفقة لا يمكن أن تكون على حساب إسرائيل طبعاً، كما عبر ذلك بوضوح حسن روحاني، منذ توليه الرئاسة، بتجنبه أي حديث عن الفلسطينيين، وانتقاده إسرائيل مضطراً من زاوية المصالح القومية الإيرانية فقط.
وهنا أيضاً يكون منطقياً أن نتوقع، حد اليقين، نهاية حتى الخطاب المقاوم لحزب الله، بعد أن انتهى فعله منذ حرب العام 2006. بل ويمكن أن يتحول الحزب إلى ضامن لأمن حدود إسرائيل، كما الأسد الأب والابن طوال العقود الماضية، وذلك من خلال السعي إلى الهيمنة على الساحة اللبنانية وإخضاعها تماماً، عسكرياً وسياسياً.
غالباً يعرف أنصار الأسد كل ذلك، كما يظهر جلياً في اختفاء لازمة "المقاومة والممانعة" من كلامهم، وأهم من ذلك تحاشيهم مجرد انتقاد ما يُفترض أنها "خيانة" إيرانية للقضية الفلسطينية. لكن لأن "المقاومة والممانعة" لم تكن إلا ذريعة وورقة توت، فإنه يحق لهم حتماً ادعاء النصر، ببقاء الأسد حتى الآن.
manar.rachwani@alghad.jo