الرئيسة \  واحة اللقاء  \  الأسد.. قاتل لا يزال طليقا

الأسد.. قاتل لا يزال طليقا

23.08.2014
سمير الحجاوي



الشرق القطرية
الجمعة 22/8/2014
لم يدر في خلد أولئك الأطفال السوريين في غوطة دمشق الشرقية، أنهم سينامون دون أن يقوموا بعدها، وبالتأكيد لم يتصوروا أن نظام الأسد سيكون مجرما إلى الدرجة التي يقتلهم بالغازات السامة والأسلحة الكيماوية..
كانوا نائمين في فراشهم وفي لمح البصر لم يعد هناك أكسجين في الجو، وتحولت رائحة الهواء إلى رائحة نتنة متعفنة.. وتغيرت الأمور فجاة في عالم الأطفال النائمين ومعهم أمهاتهم.. احمرار وحكة في العينين، وخز يطال الجسد كله، صداع وغثيان وهلوسة وغياب عن الوعي، وتشجنات عضلية ورغوة تخرج من الفم، ثم تحولت الأجساد إلى اللون الأزرق وفارقوا الحياة دون دماء، ماتوا كما لو كانوا نائمين.
لم يكن ما جرى إلا جريمة نكراء نفذها الإرهابي بشار الأسد وزبانيته ومجرموه من الجيش العلوي وحزب الله والميليشيات الشيعية والقوات التابعة له، فقد قصف هؤلاء الأبرياء بغاز الأعصاب وغيرها من الغازات السامة التي تفتك بالبشر وتقتلهم خنقا.. وكانت النتيجة إبادة 1466 اإسانا في واحدة من أبشع الجرائم والمجازر التي ارتكبها نظام الأسد الإرهابي.
هذه المجزرة البشعة وقعت قبل عام وتحديدا في 12 آب – أغسطس 2013، في غوطة دمشق الشرقية، بعد 3 أيام من وصول بعثة المفتشين الدوليين.. نفذها اللواء 155 التابع لجيش الأسد الإرهابي والمتمركزة في منطقة القلمون في الساعة الثانية والنصف ليلا بينما الناس نيام، باستخدام 16 صاروخا مزودا برؤوس كيماوية، وبعد 10 دقائق استهدف القصف بلدة عين ترما بصواريخ أصابت منطقة الزينية، وبعد 12 دقيقة، تم إطلاق 18 صاروخاً استهدفت مناطق الغوطة الشرقية بدمشق، فسقط صاروخ بين زملكا وعربين، وبعد ساعة من الجريمة الأولى سقطت صواريخ أخرى على الجهة الشرقية من مدينة زملكا بدمشق. واستمر إطلاق الصواريخ حتى الساعة الخامسة والثلث فجراً، بسقوط صاروخين، على مدينة المعضمية في الغوطة الغربية ، وقد بدأ وصول الحالات إلى المستشفيات الساعة السادسة صباحاً.
وفي 16 سبتمبر - أيلول 2013، أصدرت لجنة التفتيش التابعة للأمم المتحدة بيانا قالت فيه "إن غاز السارين أطلق بواسطة صواريخ أرض-أرض"، وأن الهجوم حدث في ساعة ضمنت إصابة أو مقتل أكبر عدد ممكن من الأشخاص لأن درجة الحرارة تنخفض بين الثانية والخامسة صباحا وهو ما يعني أن الهواء كان يتحرك لأسفل باتجاه الأرض".. وفي تعليق على التقرير، قال الأمين العام للأمم المتحدة: "هذه جريمة خطيرة ويجب تقديم المسؤولين عنها للعدالة في أقرب وقت ممكن.. وأن الرئيس السوري بشار الأسد ارتكب كثيرا من الجرائم ضد الإنسانية، وأن الأسد يجب أن يحاسب على جرائمه".
بعد عام على الجريمة لا يزال القاتل طليقا يمارس هوايته في القتل والإبادة، وارتكب ما يزيد على 450 مجزرة ذهب ضحيتها أكثر من 200 ألف سوري، وجرح حوالي نصف مليون وشرد 10 ملايين سوري داخل وخارج سوريا، وهي المرة الأولى في التاريخ المعاصر يتسبب نظام حاكم بتشريد نصف الشعب دون أن يحاسبه أحد.
لم يكن ثمن سكوت العالم على جرائم الأسد أكثر من تخلي الأسد عن أسلحته الكيماوية التي تعتبر "تهديدا مفترضا" للكيان الإسرائيلي، لا لأنه سيستخدمها ضد العدو الصهيوني، بل لأنها يمكن أن تقع في الأيدي الخطأ، لا أكثر ولا أقل. وبالتالي اعتبر تسليمه لهذه الأسلحة الكيماوية ثمنا كافيا ليغض الطرف عن محاسبته.
وللمفارقة، فإن الأسد الذي قال عنه الأمين العام للأمم المتحدة "إنه ارتكب جرائم ضد الإنسانية" يعاد تأهيله ليكون "شريكا في الحرب على الإرهاب".
ببساطة يمكن القول إن هذا العالم بلا أخلاق، وبلا ضمير، وبلا قيم، فكل شيء له ثمن، حتى إبادة الشعوب، كما فعل ويفعل الأسد في سوريا، وكما يفعل العدو الصهيوني في غزة.
العالم لا يحترم إلا القوة، ولا يحترم الضعفاء أبدا، وهذا ما يجب أن يفهمه السوريون والفلسطينيون وكل العرب، بالقوة فقط تعاد حقوق شهداء غوطة دمشق وسوريا وغزة، وبغير ذلك لن يحصل أحد على أي حق، فزمن القيم الطوباوية انتهى إلى الأبد.