الرئيسة \  واحة اللقاء  \  الأسد و"القاعدة".. وسورية

الأسد و"القاعدة".. وسورية

22.12.2013
منار الرشواني



الغد الاردنية
السبت 21/12/2013
ثمة تناقض أقل ما يُقال بشأنه إنه غريب حد إثارة شديد الريبة، في تبرير روسيا دوماً، ولاحقاً الغرب كما تؤكد تسريبات صحفية اليوم، لمحاولات إعادة تأهيل لا نظام الأسد، بل بشار الأسد ذاته. وذلك ضمن مساعي الوصول إلى نهاية للحرب في سورية، يكون الأسد بموجبها، فاعلاً في المرحلة الانتقالية المأمولة (أو المتخيلة) بعد "جنيف2"، ولسنوات لاحقة طبعاً، لحين استلام ابنه، حافظ بشار الأسد، سدة الرئاسة.
التبرير المعروف والمعلن (حتى قبل تحققه فعلاً)، هو تزايد سطوة الجماعات الإسلامية، لاسيما المتطرفة والتكفيرية، والمرتبطة بتنظيم القاعدة خصوصاً، في الثورة السورية؛ على حساب القوى والفصائل المعتدلة. والسؤال الذي يُبرز أول مظاهر التناقض: لماذا وكيف تحقق هذا "التزايد في السطوة"؟ ولماذا، بالتالي، تراجع حضور المعتدلين؟
هنا لا توجد إلا إجابة واحدة وحيدة، بدهية تماماً، تتمثل في حقيقة العلاقة الطردية بين فظاعات نظام الأسد منذ اندلاع الثورة السورية سلمياً، وبين اكتساب الجماعات الإسلامية، على اختلافها، مزيداً من القوة على الأرض. ولا يغير في هذه الحقيقة شيئاً كون الأسد هو من سعى إلى عسكرة الثورة، وإدخال "القاعدة" خصوصاً في غمارها، سواء كانت "قاعدة" سورية أم قادمة من الخارج. إذ تظل النتيجة هنا أن الأمور خرجت عن حسابات النظام حينها، والقائلة بالقدرة على السحق العسكري السريع للثورة المعسكرة والموسومة بالتطرف.
بناء على تلك الحقيقة، تزداد الأمور إثارة للريبة، بمطالبة ضحايا نظام الأسد وذويهم الآن بالتحالف مع هذا النظام الذي يواصل حتى اللحظة القتل والاعتقال الجماعيين، بدعوى القضاء على المتطرفين والتكفيريين الذين صنعهم (النظام) بشكل مباشر أو غير مباشر! وفي حال "تخيل" إمكانية قبول سيناريو التحالف هذا من قبل بعض فصائل المعارضة السورية، فإنه لن يؤدي في الواقع إلا إلى مزيد من الإضعاف لهذه الفصائل، لصالح الجماعات الإسلامية، بما فيها المتطرفة والتكفيرية، والتي يعجز النظام عن سحقها مدعوماً بمليشيا حزب الله من لبنان، وأبو الفضل العباس وغيرها من العراق، إضافة إلى خبراء روس وإيرانيين.
ملخص المقاربة الصحيحة الوحيدة للوضع السوري في سبيل إيقاف المأساة هناك، يتجسد في التقريرين الدوليين الصادرين بالتزامن يوم الخميس الماضي. الأول، عن منظمة العفو الدولية "أمنستي" بشأن مسؤولية "الدولة الإسلامية في العراق والشام" (داعش) عن "عمليات خطف وتعذيب وقتل معتقلين في سجون سرية". فيما يؤكد التقرير الثاني الصادر عن محققين تابعين للأمم المتحدة، مسؤولية نظام الأسد عن "عمليات اختفاء قسري... في إطار هجوم واسع النطاق ومنهجي ضد المدنيين... يرقى إلى حد جريمة ضد الإنسانية".
ولعل خير من يؤكد أيضاً حقيقة أن النظام والتكفيريين باتا وجهين لعملة واحدة، هو وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، في تصريحه المنشور أمس، والذي جاء فيه حرفياً "الفكرة التي تراود بعض الزملاء الغربيين هي أن بقاء الأسد في منصبه أقل خطراً على سورية من استيلاء الإرهابيين على البلاد". إذ في النهاية، يظل الأسد، باعتراف الوزير الروسي الحليف، خطراً على سورية، يُقارن بخطر مجموعات إرهابية!
إن كانت سورية وشعبها هما المستهدفان فعلاً بالإنقاذ من الحرب والتطرف، فليس من مجال لإنكار أن ذلك يبدأ برحيل الأسد، المسؤول في النهاية، قبل أي طرف آخر، عن إشعال النيران وإذكاء جذوتها، ومعه اطلاق سراح مئات آلاف المعتقلين، وكشف مصير المفقودين، وبدء إعادة اللاجئين. أما غير ذلك، فهو وصفة لمواصلة استئصال سورية ذاتها، وطناً وشعباً، لأجل الأسد و"القاعدة"، المنتصرين الوحيدين، معاً، من المأساة السورية.