الرئيسة \  واحة اللقاء  \  الأسد و"داعش"؟

الأسد و"داعش"؟

02.06.2015
علي بردى



النهار
الاثنين 1/6/2015
بلغ التصعيد في سوريا ذروة جديدة. تستنزف هذه الحرب أمراءها الكبار والصغار. تؤكد يوماً تلو آخر أن لا انتصار عسكرياً. لا بد من حلّ سياسي. غير أن التسوية تتطلب التخلص من اثنين: بشار الأسد ونظام البعث، و"الدولة الإسلامية - داعش" وغيرها من الجماعات الإرهابية.
تطور خطاب الحكومة السورية ببطء. حين تأثرت سوريا ب"الربيع العربي" عام ٢٠١١، استهتر الحكم البعثي الاستبدادي بقيادة آل الأسد بعمق المأزق. لم يقنع أحداً بالحديث عن "العصابات التخريبية". وجد ضالته أخيراً في التنظيمات الإرهابية وأرضها الخصبة. وفي سوريا الآن أكثر من ١٨ ألفاً من المقاتلين الإرهابيين الأجانب الوافدين من أكثر من مئة دولة.
هناك ثلاثة مسارات في الأزمة السورية. لا يزال بيان جنيف الذي أقر في ٣٠ حزيران ٢٠١٢ الأساس الوحيد الذي يلقى اجماعاً لأي حل سياسي. باءت بالفشل كل المحاولات السابقة لتطبيقه نظراً الى التباينات العميقة في تفسير بنوده، ولا سيما منها ذلك المتعلق بتشكيل هيئة حكومية انتقالية تحظى بكامل الصلاحيات التنفيذية وبرضى كل الأطراف. نجحت الولايات المتحدة وروسيا أخيراً في تحقيق تفاهمات جديدة لردم الهوة بينهما في سوريا. لا تتمسك موسكو أصلاً بشخص بشار الأسد، لكنها تخشى أن تؤدي إطاحته الى ترسيخ حضور الجماعات الإرهابية. هذه نقطة الالتقاء الرئيسة مع واشنطن التي تعبر علناً عن "جدلية" العلاقة بين الحرب على "الدولة الإسلامية - داعش" وضرورة التخلص من حكم الأسد.
يحاول المبعوث الخاص للأمم المتحدة ستيفان دو ميستورا الإنتقال ببيان جنيف الى "مرحلة التفعيل"، آملاً في أن تضطلع ايران بدور حاسم في هذا الاتجاه، مستفيداً من "الأجواء الطيبة" السائدة حتى الآن في المحادثات النووية بين "مجموعة ٥ الاثنين 1/6/2015 ١" للدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن: الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وروسيا والصين الى ألمانيا من جهة والجمهورية الإسلامية من جهة أخرى. الأسابيع المقبلة حاسمة.
المسار الثاني الضاغط يتعلق بالأزمة الإنسانية الاستثنائية الناشئة عن الحرب السورية. يتساءل ديبلوماسيون: حتّام يصبر العالم على المشاهد المخيفة لجنون القتل والتدمير والتهجير؟ تعكس تقارير الأمم المتحدة والمنظمات الدولية هول المأساة في عدد القتلى والجرحى والمحاصرين واللاجئين والنازحين والمحتاجين.
أما المسار الثالث، فهو المرتبط باستخدام بعض الغازات كسلاح كيميائي سام. على رغم أن مادة الكلور غير مصنفة بذاتها سلاحاً كيميائياً في لوائح منظمة حظر الأسلحة الكيميائية، فإن تحويل غاز الكلور أو سواه من المواد المتعددة الاستعمال مدنياً، يبقى محظوراً بموجب بروتوكول عام ١٩١٥ لحظر هذه الأسلحة. لا يستبعد أن توافق روسيا على خطة تقودها الولايات المتحدة في مجلس الأمن لإصدار قرار جديد يرمي الى المحاسبة على استخدام هذا النوع من الأسلحة الفتاكة. غير ذلك إطالة لحرب الإستنزاف.