الرئيسة \  واحة اللقاء  \  الأسد ووهم العودة إلى ما قبل عام 2011

الأسد ووهم العودة إلى ما قبل عام 2011

07.09.2019
رضوان زيادة


سوريا تي في
الخميس 5/9/2019
تمكن نظام الأسد تقريبا من السيطرة الكلية على معظم مناطق المعارضة بما فيها الغوطة الشرقية وحلب وغيرها مما اعتبر حينها قلاعا للمعارضة لن يتمكن نظام الأسد من العودة إليها، لكن وشكرا لروسيا في الجو والميليشيات الإيرانية على الأرض فقد تمكن الأسد من السيطرة على هذه المناطق باستثناء إدلب التي تدور المعركة حولها اليوم .
بدت استراتيجية الأسد واضحة تماما والتي تقوم على تهجير المدنيين من كل المناطق المدنية التي خرجت عن سيطرته دون وجود أية خطة أو اكتراث بعودة هؤلاء المدنيين إلى مدنهم
وتشير المعطيات الأولية مع غياب كامل للمنظمات الدولية أو المنظمات الحقوقية إلى أن أكثر من 1300 مدني فقدوا حياتهم خلال العملية العسكرية السورية – الروسية الأخيرة في المعارك الأخيرة على ريف حماة وإدلب خلال أقل من حوالي 45 يوماً.
في الحقيقة لم يتوقع أي شخص موقفا مختلفا من روسيا أو النظام، فجرائم الحرب الجرائم ضد الإنسانية التي ارتكبها نظام الأسد على مدى السنوات الماضية تجعل أي شخص مدركاً أن لا وجود لفكرة القانون أو القانون الإنساني الدولي في قاموس النظام وبالتالي فهو لن يتردد في القيام بأي شيء تتيح له السيطرة على ما تبقى من مناطق خارج سيطرته، لكن ما تفاجأ به السوريون هو غياب المحاسبة الدولية لما جرى ويجري بالرغم من صدور عدة قرارات دولية من مجلس الأمن تلزم نظام الأسد احترام وقف إطلاق النار والسماح بالمساعدات الإنسانية. كما ينص القرار الدولي الخاص 2401 والذي صدر في 24 شباط 2018 وألزم "كل الأطراف بوقف الأعمال القتالية، من دون تأخير، لمدة 30 يوما متتابعة على الأقل بكل نواحي سوريا، من أجل السماح بتوصيل المساعدات والخدمات الإنسانية والإجلاء الطبي بشكل دائم ومن دون عوائق، بما يتوافق مع القانون الدولي".
لكن بقي هذا القرار كما غيره من القرارات بلا معنى في سماء وعلى أرض إدلب، حيث استمرت القذائف والصواريخ تنهمر من السماء  كما بقيت الأرض مفتوحة لتمدد ميليشيات الأسد بهدف السيطرة على ما تبقى.
نجاح هذا السيناريو يعني تقريبا اصطدام نظام الأسد ومن خلفه القوات الروسية والإيرانية مع تركيا في حال قرر نظام الأسد السيطرة على تل رفعت ومنبج وغيرها من المناطق
إن تمكن النظام من استعادة السيطرة على كل المناطق عسكريا بما فيها التي ما زالت الآن خارج سيطرته من مثل إدلب وريف حلب وريف حماة والتي ما زالت تقع تحت سيطرة المعارضة السورية المسلحة المدعومة بشكل جزئي من قبل تركيا، ومناطق أخرى ما زالت تحت سيطرة قوات الحماية الكردية من مثل الرقة وتل أبيض والمدعومة بشكل جزئي من قبل الولايات المتحدة، وبالتالي نجاح هذا السيناريو يعني تقريبا اصطدام نظام الأسد ومن خلفه القوات الروسية والإيرانية مع تركيا في حال قرر نظام الأسد السيطرة على تل رفعت ومنبج وغيرها من المناطق التي تقع تحت سيطرة المعارضة السورية المسلحة ممثلة في الجيش السوري الحر بدعم مباشر من قبل الجيش التركي، كما تعني اصطداماً عسكريا مع الولايات المتحدة في حال قرر نظام الأسد السيطرة على الرقة والمناطق المحيطة بها في الشرق السوري والتي تخضع لسيطرة قوات الحماية الكردية، أعتقد أن هذا السيناريو مستبعد في الوقت القريب، إذ لا تجد روسيا لها مصلحة في التصعيد العسكري المباشر مع تركيا أو الولايات المتحدة على الأرض السورية حتى ولو أن نظام الأسد يردد باستمرار رغبته في السيطرة الكاملة على الأراضي السورية، وبالتالي لن نتوقع أن يتمكن نظام الأسد من السيطرة الكاملة على كل الأراضي السورية بل ستبقى جيوب وأحياناً جيوب بحجم مدن ومحافظات كاملة خارج سيطرته كما هي حال الرقة وإدلب وريف حلب وريف حماة، وبالتالي يمكن وصف هذا السيناريو بأنه يمثل الحلم بالنسبة للنظام لكنه الأكثر لا واقعية بالنظر إلى طبيعة الخرائط الإقليمية والدولية المحيطة بسورية اليوم.
ولذلك يمكن القول إن وهم الأسد بالسيطرة الكاملة على الأراضي السورية يبدو وما يزال حلما بعيد المنال.