الرئيسة \  واحة اللقاء  \  الأسد يحرق البلد

الأسد يحرق البلد

18.07.2013
احمد العجيلي

القدس العربي
الخميس 18/7/2013
منذ اندلاع شرارة الثورة السورية في ربيع عام 2011 برز على الساحة السورية الكثير من الشعارات والهتافات التي وسمت هذه المرحلة المفصلية من تاريخ سورية.
وقد تبادل طرفا الصراع هذه الشعارات والهتافات، وراح كل طرف يمتح من ذخيرته اللغوية والشعبوية ما يتلاءم مع موقفه من الثورة.
إلا أنّ شعار ‘الأسد أو نحرق البلد’ كان من أبرز الشعارات التي ظهرت على الساحة السورية، وقد تعامل الطرف المعارض لنظام الأسد في بداية الأمر مع هذا الشعار بنوع من الاستخفاف والاستهانة بمقدرة النظام على تنفيذ هذا الشعار، وربما أيضاً من باب الإيمان المطلق بمشروعية مطالب الشعب وعدالتها، وربما أيضاً من باب التعويل على وجود نوع من الإنسانية لدى المجتمع الدولي قد تمنع النظام من تحقيق هذا الشعار.
ولكن، لم يتنبه الثوار إلى خطورة ما يقصده النظام من ترديد هذا الشعار، ومدى جديته في الإمعان في التدمير والقتل، وربما الإصرار على تنفيذ تهديداته ووعيده. إذ لم يكتف الأسد وعصابته الإجرامية بتدمير المدن والقرى السورية على امتداد الخارطة الجغرافية، كما أنه لم يتوان عن تدمير الأوابد التاريخية والآثار التراثية لبلد يزخر بالحضارة، وتعجّ أرجاؤه بكثير من الشواهد على مدى عراقة وأصالة هذا البلد الذي سعى الأسد إلى تدميره ولايزال يمعن في التدمير والقتل والتشريد.
وبعيداً عن الحجر فالتدمير الأخطر الذي يحيق بسورية هو تدمير البشر، الذي يقوم به نظام الأسد بشكل ممنهج عقاباً لشعبٍ عريقٍ أراد تنفس الحرية والتخلص من نظامٍ مستبدٍ قاتلٍ.
ولا يخفى على أحدٍ مدى مرارة الواقع الذي يعيشه السوريون من ناحية غلاء الأسعار والارتفاع الهستيري للدولار وانخفاض قيمة الليرة السورية أمامه ووصولها إلى أدنى مستوياتها على مرّ التاريخ، ناهيك عن تعطل معظم مرافق الدولة، وانحسار الحياة الطبيعية في المناطق التي لا تزال تخضع لسيطرة النظام، في محاولة منه للظهور بصورة المخلص للشعب من وحش الموت والجوع.
وتتبادر الى الذهن أسئلة كثيرة لا بدّ من الإجابة عليها للإحاطة بجوانب معاناة الثورة السورية اليتيمة، ماذا كان يحدث لو لم تتحول الثورة من ثورة شعب طالب بحريته إلى ثورة سنّة ضدّ حكم العلويين؟
وماذا كان يحدث لو لم يتدفق السلاح إلى المعارضة بشكل عشوائي وغير منضبط؟
ناهـــيك عن تدفق المقاتلين الأجانب إلى داخل البلاد، وتصوير الواقع على أنه محـــاربة النظــــام لتنظيم ‘القاعــــدة’ الإرهابي، وشعور الأطراف الداعمة للثوار بهاجس من تحوّل سورية إلى ‘أفغانســـتان’ ثانية. فانحراف الثورة عن مساراتها لا يعني خطأ الثورة، أو أنها لم تكن على حق، ولكن لابدّ من مراجــــعة أخطائنا وتحديد نوع المشكلة كي نقوى على تجاوزها، والوصول إلى مبتغانا.
العالم أجمع يعرف أنّ نظام الأسد برع في تشكيل التنظيمات الجهادية الإرهابية وإرسالها إلى مناطق التوتر عالمياً واللعب بهذه الأوراق، والعراق خير شاهدٍ على هذه الممارسات. وكان الشعب واعياً لخطورة ودهاء النظام ومكره في تعامله مع هذه الملفات، لولا الأيادي الخارجية التي امتدت إلى الثورة السورية، فمنذ بداية الثورة ردّد السوريون ‘الشعب السوري واحد’، كما كان الشعب واعياً لخطورة تقسيم المجتمع السوري وتفتيته إلى طوائف وإثنيات متعددة سعى النظام إلى جعلها بديلاً له، فردد السوريون ‘لا سنة ولا علوية ثورتنا ثورة حرية’.
من المستفيد إذاً من تصوير مقاطع الفيديو التي تظهر وحشية النظام ودمويته؟ وما هي النتائج المترتبة على تلك المقاطع؟ فهي لا تفيد سوى في زيادة الاحتقان الطائفي، وازدياد انقسام المجتمع على ذاته، وإثارة المشاعر والنعرات التي تصنّف ضمن نطاق العنف والعنف المضاد.
من هنا نجد أن انتشار الملثمين من الثوار، وتوافد المجاهدين إلى سورية وانضواءهم تحت ألوية غامضة لا يُعرف قادتها ولا أهدافها أو أجنداتها أو حتى ممولوها من مثل ‘جبهة النصرة’ و ‘دولة العراق والشام الإسلامية’، كل هذه التنظيمات على اختلاف أهدافها وأجنداتها نرى أنها تعيق مسير الثورة السورية، وتحد من تقدمها نحو إزالة النظام. الأمر الذي يمكن اعتباره ضمن ممارسات حرق البلد التي توعدّ بها الأسد شعبه المطالب بحريته.
عطفاً على ما سبق من إثارة شعار’ الأسد أو نحرق البلد’ لابدّ للسوريين من مراجعة نقاط الضعف في الثورة، ومن بينها انتشار هذه التنظيمات الغامضة التي أسهمت في فقدان الحاضنة الشعبية للجيش الحر والكتائب الشريفة المقاتلة على الأرض.
فالثورة قامت ضدّ نظام الأسد الذي دمّر ووالده البلد، لذا يجب على السوريين منع تدمير البلد سواء بيد الأسد أو بيد حلفائه من التنظيمات الغامضة.
‘ كاتب وناشط سوري