الرئيسة \  واحة اللقاء  \  الأسد يريد"جنيف - 2" انقلاباً على "جنيف - 1"

الأسد يريد"جنيف - 2" انقلاباً على "جنيف - 1"

10.10.2013
عبدالوهاب بدرخان


النهار
9/10/2013
إذا توافقت روسيا والولايات المتحدة، فيمكن أن ينجز "حل سريع" في "جنيف – 2"... هذا ما يتمنّاه بشار الاسد، وربما يتوقعه في ضوء المدائح التي يتلقاها النظام على امتثاله لتدمير ترسانته الكيميائية. ستسجّل موسوعة "غينيس" أنه أول رئيس يبدي افتخاراً وسعادة وهو يرمي سلاحه "الاستراتيجي" في القمامة. أما "تقارب" الدولتين الكبريين فلا بدّ أن يكون في رأيه على بقائه في السلطة، وأما "الحل السريع" فممكن فقط باعتماد الصيغة التي طرحها منذ حزيران 2011، ثم كرّرها مميزاً بين المعارضات، قابلاً البعض ومستبعداً بعضاً آخر، ليفضّل عملياً التحاور مع "المعارضة" الممثلة في حكومته الحالية.
ويبدو الروس والايرانيون داعمين لهذه الصيغة، وإن لم يكونوا مقتنعين بمنطقيّتها، أو بإمكان توصلها الى حلّ للأزمة. فمعارضة الداخل المدجّنة هي عبارة عن شخوص روّضتها أجهزة الشبّيحة وليس لها رصيد شعبي يزعج النظام، والأهم أنها لم تكن جزءاً من الحراك الثوري. وما دامت مشاركة في الحكومة الحالية فلا مشكلة معها اذاً، لكن يراد انزالها على طاولة "جنيف – 2" لمناكفة المعارضة الاخرى، الحقيقية، فيصبح "مؤتمر السلام" مبارزة بين المعارضات، وتكتفي الوفود الاخرى ومنها "الحكومي" بالتفرّج عليها.
يطرح الاسد شروطاً على معارضيه المرشحين للتحاور معه، أهمها ثلاثة: أن لا يكونوا من "الارهابيين" و"أن يلقوا السلاح" و"عدم الدعوة الى التدخل الخارجي". ففي عرفه أن النظام وحده المخوّل الاعتماد على التدخل الخارجي، بدليل أنه يراهن على التقارب الاميركي – الروسي لضمان بقائه ونظامه. لكن هذه الشروط تضيّق حيّز المعارضة المقبولة في جنيف الى الحد الذي يتيح لمعارضته المدجّنة وحدها أن تحضر وتحاور. صحيح أن صيغة الاسد للحل تبدو هنا كأنها نوع من الهزل والانفصال عن الواقع، إلا أنه يعني ما يقول. فالمعارضون الذين يشاركون في صنع الحل يجب أن يكونوا موجودين على الأرض، وهؤلاء غير متوافرين، فإما أنهم قتلوا أو هجّروا وصاروا "معارضة في الخارج"، واما أنهم على الجبهات وباتوا يعتبرون "ارهابيين" يريد الاسد تفويضاً دولياً، بالأحرى اميركياً – روسياً، للإجهاز عليهم.
بهذه العقلية يقارب الاسد استحقاق "جنيف – 2"، وثمة وقائع تسند صيغته للحل، فهو سعى – منذ عقود – الى أن تكون أي معارضة مشرذمة، وحصل على ما أراده على رغم الثورة، وعمل على زرع المتطرفين في صفوف المعارضة ما لبثوا أن فرّخوا فصائل لا حصر لها، وتمكن من ابتزاز المجتمع الدولي، فإما أن يبقى نظامه وإلا يصار الى تفكيك سوريا وتقسيمها... وفي ظنّه أن تدمير الكيميائي موجّه أساساً لمقايضته بحل سياسي لمصلحته. فهو يريد "جنيف – 2" انقلاباً كاملاً على "جنيف – 1" وإلا فلن يكون.