الرئيسة \  واحة اللقاء  \  الأطفال والعنف السياسي!

الأطفال والعنف السياسي!

08.06.2013
سمر المقرن


العرب
الجمعة 7/6/2013
يدخل الطفل العربي في مرحلة جديدة من العنف، ضمن الأحداث السياسية بالمنطقة، بوعي أو دون وعي لمغبّة هذا الإقحام الذي قد يُخلّف على المدى القريب سلوكيات سلبية ظاهرة، وعلى المدى البعيد تنتج عنه سلوكيات اجتماعية تُغير من خارطة القيم العربية والإسلامية.
ففي مصر، أكد حسام الغرياني رئيس المجلس القومي لحقوق الإنسان، على ظهور أشكال مختلفة من استغلال الأطفال في العنف السياسي. كما صدر عن الائتلاف المصري لحقوق الطفل عدة بيانات قامت بتسمية الأحداث التي تم فيها الزج بالأطفال في الأعمال السياسية، وما نتج عن هذا من احتجاز واعتقال وتوجيه تُهم من بينها ما لا يتقبله العقل، كتهمة ضرب ومقاومة رجال الشرطة، والتي لا يُمكن أن توائم حداثة سن الأطفال!
أما في البحرين فتم استغلال الأطفال لكسب التعاطف الدولي، بعد أن فشلت كل المحاولات التخريبية في كسب أي تعاطف، وتم تلقين الأطفال بعد تعبئتهم بالحقد والكره لوطنهم ليظهروا بكلمات مؤلمة، لا يمكن أن يسمعها ويرى قائلها أي إنسان إلا ويتعاطف معه، إلا أن العارف بالوضع البحريني الداخلي، يُدرك جيداً أن هؤلاء الأطفال هم ضحايا التصفيات السياسية، وهم واحدة من الأدوات التي تستخدمها مجاميع تابعة لإيران وحزب الله!
وفي سوريا، كان الأطفال هم الهدف الأول لشبيحة نظام الأسد، حتى أغرقوا أرض الشام بدمائهم الطاهرة، ولم تتحرك الضمائر أمام أشلاء الأطفال المتناثرة. في الوقت نفسه لم يتوان نظام الأسد عن استخدام الأطفال ضمن جماعاته المسلحة، بل وكما ذكرت تقارير دولية عن استخدامه للأطفال كدروع بشرية، الأمر نفسه كما أتى ضمن هذه التقارير عن استخدام الأطفال من قِبل بعض الجهات "المعارضة" في الأعمال الحربية!
كل هذه النماذج مُحرمة في القوانين الدولية، إلا أن تطبيق هذه الأنظمة لم يتجاوز بيانات الاستنكار والرفض من قِبل المنظمات المتخصصة في حماية الطفولة، وكذلك الأمم المتحدة التي وضعت ضمن آلياتها التعاقدية اتفاقية متكاملة لجميع نصوص حماية الطفل من العنف، إضافة إلى الأيام الدولية التي وضعت في جدولتها أياماً مخصصة للطفل كيوم الأربعاء المقبل 12 يونيو الذي يوافق اليوم العالمي لمكافحة تشغيل الأطفال. أظن أن بعد هذه الأحداث السياسية في المنطقة واتضاح استغلال الأطفال في العمل السياسي، فإن منظمات الأمم المتحدة مطالبة بفتح أوراق هذه القضية التي صارت ظاهرة على السطح، وتبيان عدد الضحايا بالأرقام وتحديد المناطق، مع وضع آلية للمساءلة القانونية لكل حكومة أو جهة ثبت تورطها في عملية استغلال الأطفال في الأحداث السياسية.
إن الطفولة هي الظِلال النقية الوحيدة الباقية في مجتمعاتنا، هذه الظِلال التي تحيط بما تبقى من عذوبة في مشاهد الحياة، بعد أن لطخت كل صورها الأحداث السياسية وأعمال العنف التي لا تنظر إلى الطفل إلا كأداة من ضمن أدوات تصفية الحسابات، الطفل أنقى وأجمل، لذا -وبأي طريقة- لا بد من إبعاده عن أوحال المعارك ومستنقعات الدماء!