الرئيسة \  واحة اللقاء  \  الأمم المتحدة وممرات الموت

الأمم المتحدة وممرات الموت

07.08.2016
د. سليمان ابوسويلم


الرأي الاردنية
السبت  6/8/2016
ممرات الموت او كما تسميها وسائل الاعلام بالممرات الامنة ستدخل قائمة المصطلحات السياسية من كثرة تداولها بعد ان ابتدعتها روسيا وامريكا وتبنتها الامم المتحدة لخروج المدنيين من المدن التي تتعرض للقصف البري والجوي من قبل طائراتهما كل حسب منطقة نفوذه في وطننا العربي المستباح من المحيط الى الخليج ، او لادخال المساعدات الانسانية للمحاصرين من النساء والاطفال والشيوخ.
الحرب الدائرة في سوريا والعراق واليمن وليبيا لم تعد تشغل بال الامم المتحدة بقدر ما يشغلها الحديث عن الممرات الامنة وكان المشكلة في تلك الدول هو ايجاد طرق او اوتوسترادات لخروج السكان من مناطق سكانهم ودفعهم قسرا لتسليم رقابهم الى جلاديهم اوممن يسلم منهم بروحه يهيم على وجهه فيقتله الجوع والمرض والغرق ، لتصبح هذه الممرات في علم السياسة خدعة كبرى لتعزيز مصالحهم الجيوسياسية في المنطقة.
الامم المتحدة التي تستجدي روسيا اليوم لتتيح لها دورا هزيلا في سوريا للاشراف على الممرات الآمنة التي اطلقها الروس مع النظام السوري في حلب وقبلهم اوجدتها امريكا في الفلوجة يعطي مؤشرا ان هذه المنظمة الدولية لم يعد يعنيها البحث عن الاسباب والمسببات الحقيقية لهذه الحرب ولا عن الكيفية التي يمكن القيام بها لانهائها وكأن دورها ينحصر فقط في الاشراف على هذه الممرات التي تسمى بالآمنة ويا ليتها كانت امنة فعلا.
العالم الذي يتحرك اليوم وفق القوة التي يملكها وليس وفق قوة الشرعية الدولية التي غابت اوغيبت عن ادارة العلاقات الدولية وحفظ السلم والامن الدوليين جعل من الامم المتحدة لاحول لها ولا قوة بل واكثر من ذلك تحولت الى منظمة ليس لديها مانع من احراق المنطقة العربية برمتها وتدمير البنى التحتية فيها فقط مقابل ان يكون لها دور على الممرات الامنة كما يسمونها لسكان المدن السورية والعراقية واليمنية والليبية التي تتعرض للابادة الجماعية او للدفع بهم الى المجهول دون ان تقدم لهم حلا مجديا يمنع عنهم القتل والدمار والخراب والتهجير.
الامم المتحدة اذا بقيت على ما هي عليه اليوم من عجز واضح عن ضبط المشهد الدولي وتنظيمه فانها ستتاكل ويؤدي بها هذا التآكل الى الانهيار عندها ستعم الحرب والفوضى والاضطراب العالم كله وتتأجج فيه الصراعات وستسود فيه شريعة الغاب ليأكل عندها القوي منها الضعيف وهذا ما لا نتمناه جميعا .