الرئيسة \  واحة اللقاء  \  الأوطان لا تحميها التقديرات

الأوطان لا تحميها التقديرات

24.02.2014
صالح القلاب


الرأي الاردنية
الاحد 23/2/2014
الأردن أكثر دول الجوار السوري مصلحة في خروج الجارة الشمالية من أزمتها وهي موحدة ومستقرة وقد أبتعد عنها شبح التشرذم والإنشطار والتقسيم فهي أولاً تتداخل مع هذه الدولة العربية الشقيقة المحاددة جغرافياً وسكانياً وإقتصادياً وهي ثانياً تستضيف نحو مليون من الأشقاء السوريين وصفهم معهد أميركي بأنهم :"أنهكوا البنية التحتية المتواضعة للبلاد" وثالثاً لقد أصبحت هذه الجارة الشمالية تستقطب جيوشاً إيرانية وميليشيات طائفية زادت أعدادها عن عشرات الألوف وهي رابعاً أصبحت ساحة صراعات إقليمية ودولية وهي خامساً قد تحولت إلى منطقة جذْبٍ شديد لمجموعات "إرهابية" قادمة من كل حدْب وصوب والمقصود هنا ليس المعارضة الوطنية المسلحة وغير المسلحة التي إضطرت بعدما أرغمها النظام بعنفه على مغادرة ساحات الإحتجاجات السلمية وتحولها إلى مجموعات مسلحة مقاتلة بعضها انضوى في إطار الجيش الحر وبعضها الآخر اختار العمل تحت عناوين "إسلامية" متعددة.
إنَّ هذا هو ما يريده الأردن وما بقي يعمل له طوال الثلاثة أعوام الماضية لكن عندما يختار النظام حلول القوة والعنف ويرفض كل محاولات "ضبضبة الأمور بالَّتي هي أحسن" وبالحوار الحقيقي وبالوسائل السلمية وعندما يواصل تحويل سوريا إلى معسكرات لحراس الثورة الإيرانية ولما يسمى فيلق القدس ولـ"الباسيج" وللمجموعات الطائفية التي وصل عددها إلى أكثر من إثني عشر تنظيماً على رأسها حزب الله وعندما يواصل ،أي هذا النظام، ذبح الشعب السوري بالبراميل المتفجرة وبالأسلحة المحرمة فيزداد ضغط الفارين بأرواحهم وبأطفالهم وبأعراضهم وكراماتهم على هذا البلد.. فهل المطلوب منه يا ترى أنْ يبقى مسترخياً وصامتاً وأن يبادر إلى تقبيل أيادي القتلة الذين يبدون إصراراً عجيباً على الإستمرار بذبح "شعبهم" كما يريد "الناصحون".. و"الإستراتيجيون" الذين يتعاملون مع كل هذا الذي يجري في الجارة الشمالية وكأنه "خناق حارات" أو "طوشة" عشائرية.
إنه لا يحق لأية حكومة أن تبقى مستلقية على ظهرها وتنشغل في "البحْلقة" في القمر وعدِّ نجوم السماء بينما الوضع في دولة مجاورة لصيقة هو هذا الوضع الذي تعيشه الجارة الشمالية العزيزة فالأوطان لا تحميها النوايا الطيبة ولا حتى الدوافع الشخصية للذين يعتبرون أنفسهم "إستراتيجيين"!! وأيضاً ولا للذين يعيشون بطالة سياسية قاتلة فيلجأون إلى طرح "مبادرات" وهمية لا علاقة لها بالواقع من أجل التذكير بوجودهم ومن أجل لفت أنظار "من يهمهم الأمر" إليهم.. ولعل وعسى!!.
قبل يومين فقط تحدثت كل وسائل الإعلام العالمية ،التي تبني معلموماتها على الوقائع المؤكدة، عن أنَّ إيران قد لجأت إلى المزيد من إرسال الأسلحة والمقاتلين إلى سوريا خلافاً لما هو مفترض في ضوء المساعي المستمرة لحل هذه الأزمة التي غدت مستعصية بالوسائل السلمية.. ثم وفي الأيام الأخيرة فإن هذا النظام قد رفع "وتيرة" القصف بالبراميل المتفجرة وبالصواريخ والمدافع الثقيلة وبالقنابل العنقودية على القرى "الحورانية" المتداخلة مع القرى والمدن الأردنية.. فهل إنه علينا يا ترى أن نضع أيدينا فوق عيوننا وألاَّ نحسب لكل شيء حسابه وأن نكون على أهْبة الاستعداد لكل طارئ حتى لا نُعكِّر خواطر الذين لا يبخلون علينا بنصائح عدم التورط ومن بين هؤلاء أولئك الذين يطلقون صيحاتهم من الخارج البعيد والذين غير معروف عنهم إلاَّ أنهم لا يريدون لهذا البلد إلاَّ الثبور وعظام الأمور.
إنَّ مما لا شك فيه هو أنَّ هذا البلد ،الممكلة الأردنية الهاشمية، بقي يحرص كل الحرص على ألاَّ يتدخل في الشؤون الداخلية السورية ولا بأي شكل من الأشكال وأنه بقي يضبط جبهته وبقي يمنع المتسللين عبر خطوط التماس مع هذه الجارة الشمالية لكن ومع أنه لا يزال يتمسك بهذا الخيار فإنه من غير الممكن ألاَّ يأخذ بعين الإعتبار أن إيران ،التي أصبحت لها كل هذه الجيوش الجرارة في سوريا، لديها مخطط مستمرة في تنفيذه وهو إستعادة أمجاد فارس في هذه المنطقة وهو أن تكون هي الدولة المحورية صاحبة الحوْل والطوْل في الشرق الأوسط كله.
الآن أصبحت إيران تحتل العراق وبصورة مباشرة ،وهذا يقوله السيد مقتدى الصدر بأعلى صوته ويقوله إيرانيون كانوا قبل فترة وجيزة في مواقع المسؤولية الأولى، والآن أصبح القرار السوري قراراً إيرانياً بالنسبة لكل شيء حتى بما في ذلك :"زواج المتعة" والآن غدا حزب الله الآمر الناهي في لبنان.. والآن استكملت دولة الولي الفقيه إقامة رؤوس جسور لها على بعض شواطئ المتوسط (لبنان وغزة) وأيضاً في اليمن الذي لم يعد سعيداً.. فهل علينا في هذا البلد أن نسلِّم أعناقنا للذبح وأن نركن لنوايا طهران ونصدق أنها صديق صدوق لا يريد لنا إلاَّ الخير وذلك إلى أنْ نرى العمائم السوداء تجتاح حدودنا الشمالية ونرى صور الإمام الخميني ،رحمه الله، تملأ ساحات عمان وساحات كل مدننا وعلى غرار ما هو عليه الوضع في العراق وفي الجنوب اللبناني وضاحية بيروت الجنوبية.. وأيضاً إلى ما هو عليه الوضع في بعض مناطق الشام وضواحيها وفي العديد من ميادين المدن السورية..؟!