الرئيسة \  واحة اللقاء  \  الإبادة السورية مستمرة والعالم يتفرج

الإبادة السورية مستمرة والعالم يتفرج

29.06.2014
ضرار نفاع



القدس العربي
السبت 28/6/2014
تقوم بعض القنوات التلفزيونية بإعادة بث بعض الافلام. وصادف أن شاهدت مؤخرا إعادة لفيلم The Terminator، أو الترمينيتور، أو (الفاني) حسب الترجمة العربية وهو من تمثيل أرنولد شوارزينيغر وإخراج جيمس كاميرون.
الفكرة هي أن الآلات تستبد ببني البشر بعد أن تسود في العالم بصدفة من الخيال العلمي. وفي أحد المشاهد تدخل هذه الآلات بعد أن تتخذ من الجسد البشري هيئات كاملة، تدخل إلى قبو مليء بأشخاص مطاردين لتجهز عليهم .. فتفعل ..المناظر التي جاءت من ذاك القبو تستدعي إلى الذاكرة مشاهد كثيرة من الأحياء والبلدات السورية المحاصرة. فمخيم اليرموك حينما فك أسره في وقت سابق من هذا العام اكتظت وكالات الأنباء بصور مروعة لبشر تحت الأنقاض لدرجة تدفع للحيرة بتمكن أهالي اليرموك من الصمود أحياء وهم مختلطون بين شيوخ وأطفال ونساء وبعض الرجال. وما جرى للمخيم ينطبق في معانيه الأعرض على أغلب المناطق السورية المنتفضة والتي لم تحظ بكشف أهوال ما طبقه عليها النظام أو الترمينيتور السوري. هذا الفيلم تتقاطع مجرياته في بعض معانيها مع مقتطفات هامة من سيرورة الثورة السورية.
فهو أنتج كي يراه العالم أجمع بفكرة تقول إن الجنس البشري سيواجه يوما في المستقبل ما يهدد كينونته بقتل جماعي للوجود الإنساني. لكن النهاية يريدها المخرج أن تكون سعيدة وهي انتصار الإنسان على تلك الآلات الساعية في المطلق لمواصلة القتل بأي ثمن كان. ألا يشبه الفيلم ما يجري في سورية منذ أكثر من ثلاثة اعوام؟ العالم كله يتفرج ليلا ونهارا، صيفا وشتاء على الارتفاعات المحمومة في أعداد السوريين أكانوا قتلى أو جرحى أو معتقلين أو نازحين أو لاجئين أو .. أو ..أو .. لتطول أصناف الكارثة. أما القتلة فهناك تماه مذهل بين ميليشيات المرتزقة التي استقدمها النظام وبين تلك الآلات في الفيلم رغم أن شبيحة النظام تفوقوا عليها في أفانين قتلهم للسوريين. والفكرة الآن تجاوزت حدود وأد الثورة إلى إبادة مكون واحد بعينه من شعبها وبأكثر الطرق انحطاطا.
أما النهاية في سورية فتكاد تكون واضحة اكثر من أي وقت مضى. فرغم أن الجميع متفقين على الحل الديبلوماسي إلا أن الجميع أيضا أصبحوا عقيمي المبادرات، لاحول لهم ولاقوة إلا الحصر الخجول لإعداد الوفيات من السوريين وبوعود مخزية عن مساعدات قادمة للضحايا. لذلك فالحل الآن هو انتصار أحد الطرفين. النظام أو الثوار، تماما كما في الفيلم أو حتى في كل الأفلام، الصراع المتواصل أبدا بين الخير والشر، بين الشياطين والملائكة.
لا يعرف ما اذا كان جيمس كاميرون مخرج فيلم الترمينيتور أراد أن يسقط واقع فيلمه على أحوال بشر مسخوا آلات للإبادة الجماعية، تهوى الدماء وتطرب للعويل، وتسكر للجثث. تلك كانت حقائق من سورية تجاوزت في أهوالها ما انتجته هوليوود يوما، وقالت إنه خيال علمي فحسب.