الرئيسة \  واحة اللقاء  \  الإبراهيمي بين المهمة الاحترافية والمواقف الخيالية

الإبراهيمي بين المهمة الاحترافية والمواقف الخيالية

05.11.2013
طاهر العدوان


الرأي الاردنية
الاثنين 4/11/2013
يملك الأخضر الابراهيمي خبرة واسعة في ملف حل النزاعات الدولية على مدى ٢٠ عاما من المهمات كوسيط في أفغانستان والعراق و اليمن وجنوب افريقيا وزائير وهايتي ، لكن مهمته الحالية كوسيط دولي مشترك للأمم المتحدة والجامعة العربية لحل القضية السورية هي الأهم في تاريخه السياسي نظراً لحجم الملف الذي كلف به وخطورته على عدة مستويات سورية وعربية وإقليمية ودولية .
يملك الابراهيمي ( صبر ايوب ) وفيه قوة عزيمة يستمدها من طباع الجزائريين رغم كبر سنه (٧٩) عاماً ، ومن مهنيته الاحترافية العميقة كدبلوماسي عريق ، لهذا لم يغادر مهمته الجديدة بعد اختبار التحديات الاولى كما فعل الوسيط السوداني محمد الدابي ، ولا ترك الوساطة بعجلة كما فعلت لجنة الجامعة بعد زيارة او زيارتين الى دمشق برئاسة نبيل العربي ، وما غادر مهمته مستسلماً كما فعل كوفي عنان . إنما أمسك ولا يزال بمهمته وهو يعلم انه يتعامل مع أبواب مغلقة كيفما توجه او رحل .
لقد تعرض خلال الأسابيع والأيام الأخيرة الى موجات من الهجوم والنقد من أطراف عديدة . من النظام السوري ومن المعارضة التي تحدثت بعض أوساطها عن طلب سيقدمه الائتلاف الوطني الى اجتماع وزراء الخارجية الذي عقد امس لإنهاء مهمة الابراهيمي . والهجوم لم يصدر عن الطرفين السوريين انما عن دول عربية وغربية من مجموعة اصدقاء سوريا وكلها تشكك بكفاءته كوسيط او اتهامه بالانحياز لطرف دون آخر .
لا نتصور ان يندفع وزراء الخارجية العرب الى قرار غير منصف وغير مدروس يعفي الابراهيمي من مهمته ، ويكفي المبعوث الدولي والعربي انجازاً ان المواقف الامريكية والروسية والأخرى الإقليمية هي اليوم في مناخات افضل منها عندما بدأ مهمته قبل ١٤شهراً ، وقد يقال بان هذه التفاهمات جاءت نتيجة اتفاق كيري -لافروف بعد مجزرة الكيماوي وهذا صحيح ، لكن تمسك الابراهيمي بمهمته رغم التحديات والصعوبات قد اثبت بانه لا يزال حاضراً لاستثمار هذا الاتفاق من اجل بعث الأمل بإمكانية الوصول الى الحلول المطلوبة بالاعتماد على ما أقامه من آليات وأطر للوساطة والتحرك ونقل المواقف بين مختلف الأطراف السورية والعربية والدولية .
كثير من النقد الموجه الى الابراهيمي يقوم على أساس افتراض انه (مفاوض )باسم جهة بعينها وليس وسيطاً ، وهذا ما لم يفعله الابراهيمي الذي امتلك الخبرة لوضع الآلة الدبلوماسية في خدمة اي تحرك دولي يسعى الى تحقيق التقارب بين الأطراف المشتبكة في الملف السوري . وبعد كل ما قيل فيه من نقد لايزال الوسيط المثالي لمهمة معقدة تعقيدا شديداً. ،وعندما يطلب منه المجتمع الدولي دفع النظام والمعارضة للجلوس على مائدة جنيف ٢ فهو لا يستطيع فرض أسماء وفد النظام او المعارضة . ومن غير المنطقي ان يقول للأسد ان الأمريكيين او المعارضة والعرب هم من سيسمون وفدك الى جنيف وأنك يجب ان ترفع يدك من الآن عن هذا الوفد ، كما من غير المنطقي ان يطلب الأسد او الروس ذلك من المعارضة .
مثل هذا الموقف خيالي يتناقض مع هدف جنيف وهو دفع النظام والمعارضة للتفاوض بممثلين حقيقيين عنهما وليس مفترضين ، وهو يتناقض تناقضا صارخا مع حقيقة ان النظام في سوريا هو الأسد ، والأسد هو النظام ، الا اذا كان اصدقاء سوريا ومعهم المعارضة يعتقدون بان نظام دمشق ديموقراطي وبانه يمكنهم التفاوض مع مؤسسات ورموز اخرى غير مؤسسة الرئاسة الوحيدة والواحدة ، ان وجد مثل هذا الاعتقاد فلماذا كانت الثورة ؟