الرئيسة \  مشاركات  \  الإخوان المسلمين.. إلى الخلف در

الإخوان المسلمين.. إلى الخلف در

16.10.2014
علي سعادة



العداء الرسمي العربي لجماعة الإخوان المسلمين وصل إلى حد الهوس والفوضى وضياع البوصلة وعدم القدرة على الرؤية والتمييز بين الألوان، من هو الصديق والحليف ومن هو العدو التاريخي والأبدي!.
وبدا حجم العداء الذي يظهر في وسائل الإعلام الرسمية التابعة لتلك الدول ضد «الإخوان» وكأن الدولة على وشك السقوط في أي لحظة بأيدي «الإخوان» الذين يعج الإعلام الرسمي العربي بسيل جارف من الشتائم والألقاب والألفاظ السيئة والقبيحة بحقهم.
 ووصل التنابز بالألقاب إلى أولئك الذين يدعون على التعقل والرجوع على الحكمة والموعظة الحسنة والحوار بين أبناء الأمة العربية، وغالبيتهم ليسوا من الإخوان .
ووصل حجم التشهير والكراهية والإقصاء إلى حد أن الشيطان نفسه بدأ يشعر بأنه تلميذ في الابتدائية أمام كهنوت وجبروت سياسيين وإعلاميين لا يرون أبعد من الكرسي ومن محفظة نقودهم وأرصدتهم البنكية ومزارعهم.
وأحسن حزب «التجمع اليمني للإصلاح» صنعا عندما تنبه للمصيدة التي نصبت له للوقوع في صدام مباشر مع جماعة «أنصار الله» (الحوثيين)، وترك ساحة المعركة للدولة اليمنية للدفاع عن نفسها، كما برهن حزب «النهضة « في تونس على عقلانية ورصانة في تعامله مع قوى الشد العكسي التي كانت تريد جره إلى مربع الحرب الأهلية والصدام مع قوى سياسية ونقابية وأهلية تونسية عديدة مما سيؤدي في النهاية إلى سيطرة العسكر وتكرار السيناريو المصري.
وربما يكون الوضع في ليبيا مختلفا قليلا لمجموعة من العوامل التي تتعلق ببنية المواطن الليبي، وبتركيبة قوى الصراع الداخلي، فـ «الإخوان» قوة لا يستهان بها رغم التدخل الخارجي العربي من إطراف عدة لقلب موازين القوة لصالح الجنرال حفتر ورئيس الوزراء عبدالله الثني.
ويحسن «الإخوان» صنعا، لأنفسهم ولغيرهم، بالانحناء قليلا أمام العاصفة الهوجاء التي تضرب الفضاء العربي والتي من شدة قوتها واندفاعها قد تكسر كل ما يقف في وجهها، ولا فائدة سيجنيها «الإخوان» من تصادمهم مع أي نظام عربي في الظرف الحالي، وكل ما يستطيعون فعله هو امتصاص الضربة الأولى، فالضربات التي لا تقتل المرء تزيده قوة ( لا أعرف على وجه التأكيد لمن العبارة هل هي لنيتشه أم غاندي!).
وقد أثبتت الأيام أن الخيارات الرسمية العربية في الصدام مع «الإخوان» لم تأت بخير، فقد توترت أوضاع تلك الدول الداخلية، واستنفذت تلك الدول أموالها ووقتها واستقرارها في معارك مع «عدو» صنع في مخيلة بعض المسؤولين العرب وصدقوا ما صنعوا (إِنَّمَا صَنَعُوا كَيْدُ سَاحِرٍ وَلَا يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتَى)..الآية الكريمة.
اليمن كانت القشة التي قصمت ظهر أدعياء «صناعة الأعداء» وتجاهل الأعداء الحقيقيين وفي مقدمتهم الصهيونية والإدارة الأمريكية، وأعداء آخرون لهم أطماع إمبراطورية توسعية في المنطقة العربية، فالعدو بات في الحديقة الخلفية لأكبر دولة عربية اقتصاديا وماليا ومعنويا.