الرئيسة \  مشاركات  \  الإخوة الموحدون هم منا ونحن منهم

الإخوة الموحدون هم منا ونحن منهم

20.06.2015
محمد فاروق الإمام





بداية نقدر للإخوة في فصائل الجيش الحر، مع الاحتفاظ بكل الأسماء والألقاب، تضحياتهم الجسام والمعاناة الكبيرة، والمسؤولية الجسيمة التي يتصدون لها، والتي تنوء عن حملها الجبال االراسيات، ولا يحمل مثل هذه الأعباء إلا الرجال، وأنتم رجال الوطن وصفوة شبابه وأهلاً لحمل كل هذه الأعباء.
لقد شرفتم الوطن بتضحياتكم وكفاحكم الذي قل نظيره، وسيسطر التاريخ بحروف من ذهب سيرة أمجادكم وقصص بطولاتكم، وقد فتح الله عليكم أبواب النصر على مصراعيه شمال البلاد وجنوبها، ملحقين بالعدو السادي الغاشم الهزائم وكبدتموه أفدح الخسائر.
وحتى تكلل كل هذه الانتصارات بتاج الغار والفخار عليكم الاهتداء بقوله تعالى (مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاء عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاء بَيْنَهُمْ..). والرحمة هنا مقصود بها كل من لا يشهر سلاحاً بوجهكم أو يتآمر عليكم أو يؤيد ويساند عدوكم، وإن وجد بعض من هؤلاء فلا يؤخذ بجريرتهم أحد لا من أهلهم ولا من ذويهم ولا من دينهم أو عرقهم أو مذهبهم أو طائفتهم أو معتقدهم، ووطننا سورية حباه الله بفسيفساء رائعة من هذا النسيج المجتمعي المتنوع الذي قل نظيره، وقد عاش لقرون في تعايش سلمي لم يعكر صفوه ونقاؤه ما حل ببلادنا من نكبات ونكسات، وكانوا على الدوام يداً واحدة في مواجهة الخطوب والمدلهمات، وشاء الله أن يختبرنا جميعاً في مثل هذه المواقف الصعبةوقد نجح الآباء في تذليلها وعلينا أن نكون خير خلف لخير سلف.
إن ما حدث في قرية قلبلوزة من احتكاك بين إخوتنا الموحدين من أهل القرية وبعض أفراد من الجيش الحر يجب تطويقه بما يرضي الله وينصف إخوتنا إن وقع عليهم ظلم، وهذا عمر بن الخطاب يشير على أبي بكر بأن يقيم الحد على خالد بن الوليد عندما قتل جنوده بعض أسراهم خطأً، وهذا عمر بن العزيز يأمر قتيبة بن مسلم الباهلي بالخروج من سمرقند بعد أن فتحها عنوة دون تخيير أهلها بين ثلاث (الإسلام أو الجزية أو الحرب) فخرج منها.
بهذه الأخلاق وهذه القيم علينا أن نعامل بها مخالفينا في العرق أو الدين أو الطائفة أو المذهب أو الاعتقاد، وعلينا أن لا يغيب عن أذهاننا الشعار الأول لثورتنا (سوري.. سوري واحد.. الشعب السوري واحد).
الذي حدث في قرية قلبلوزة جاء في وقت حرج للغاية بعد أن الجيش السوري الحر خلال الأيام السابقة بالاستيلاء على موقع كبير للنظام (اللواء 52) متاخم لمحافظة السويداء التي تحتضن الثقل الأساسي للإخوة الموحدين في سورية، ولهؤلاء وضعيةاجتماعية وسياسية ودينية خاصة، فهم يشكلون ما يقارب ثلاثة بالمئة فقط من عدد السكّان، وتتوزّع أجزاء من الطائفة في لبنان وفلسطين والأردن، وقد عانوا مثل غيرهم من مواطني سورية من بطش النظام السادي وتعرضوا لكل ما تعرضنا له (إقصاء وتهميش وإهمال وسجون ومعتقلات ونفي)، ونظراً لقلتهم العددية، وتوقياً من انتقام النظام المجرم، ترك هؤلاء الإخوة بينهم وبين النظام مسافة كافية، فأبقوا على مؤسسات الدولة ورموزها، ولكنهم ابتعدوا عن الانخراط في المجزرة الكبرى الجارية رغم تهديدات النظام المستمرة لهم، كما أنهم لم يعادوا المعارضة السورية، فاستضافوا أكثر من 150 ألفا من نازحي درعا وبقية المناطق السورية.
لقد أرسلت "جبهة النصرة" رسائل سياسية عديدة سابقة للعالم تؤشر فيها إلى سلوكها طريقا يميّزها عن تاريخ تنظيمها الأم "القاعدة" ونتمنى عليها الانسلاخ عنها، فرفعت علم الثورة السورية في الجولان، وعبّرت عن قدرة على تفهم أولويات سياسية أساسية فتحالفت مع العديد من فصائل الجيش الحر.
جبهة النصرة، من جهتها، أعلنت بما لا يدع مجالاً للشك إدانتها لهذا الحادث المؤسفوبأنها تتحمل مسؤولية ما حدث في قرية قلب لوزة وأن كل من كان وراء الحادثة سوف يحاكم وينال العقاب الذي يستحقه. وبذلك تكون جبهة النصرة قد قطعت الطريق على النظام السوري المجرم وعملائه الصغار في لبنان، كي لا يستثمروا هذه الحادثة سياسياً أو إعلامياً للتشهير بالثورة السورية وكفاح شعب سورية العظيم وتضحياته.
لقد كانللزعيم الدرزي اللبناني وليد جنبلاط، وهو القامة الوطنية المعروفة، موقفاً عاقلاً رصيناً مما جرى في قرية "قلب لوزة" فقد نقل عنه قوله: "إن مستقبل دروز سورية يكون بـ"المصالحة والتآلف" مع أهل منطقة حوران، ذات الغالبية السنية والمجاورة لمحافظة السويداء ذات الغالبية الدرزية وأكبر تجمع للدروز في البلاد".جاء ذلك، إثر اجتماع استثنائي لمجلس "القضاء المذهبي الدرزي" في بيروت لبحث تداعيات قتل "جبهة النصرة" لنحو 25 من دروز قرية "قلب لوزة" في محافظة إدلب قبل يومين.
وأوضح جنبلاط، أن "مستقبل الدروز السوريين العرب هي المصالحة والتآلف مع أهل حوران وأي تفكير ضيق هو انتحار".
ووصف حادث "قلب لوزة" بأنه "فردي"، مؤكداً أنه سيعمل على معالجته" معبراً عن أسفه لمقتل الدروز في "قلب لوزة"، منوهاً إلى أن ما حدث في قلب لوزة يجب ألا ينسينا "أن 200 مدني سوري يقتلهم النظام يومياً في سورية، لا يجب أن تضللنا الصورة الصغيرة وتنسينا الصورة الكبيرة".
فالله الله يا أبطالنا في الجيش الحر في أهلكم من موحدي جبل العرب الذين كانت لهم شرف قيادة الثورة السورية الكبرى على المحتل الفرنسي البغيض، والله الله يا أهلنا من موحدي الجبل في إخوتكم الذين لبوا نداء الكفاح لإزالة هذا الكابوس الذي جثم على صدر سورية كلها لنحو نصف قرن، فكونوا لهم العون والنصير والحليف، فأنتم منا ونحن منكم.