الرئيسة \  واحة اللقاء  \  الإدارة الأميركية تُراجع أداءها تجاه الأزمة السورية

الإدارة الأميركية تُراجع أداءها تجاه الأزمة السورية

15.03.2014
ثريا شاهين


المستقبل
14/3/2014
ثمّة عوامل عدّة تعيد إلى الواجهة في الولايات المتحدة الأميركية أهمية الاهتمام بمصير الوضع السوري، لكن من دون أن يكون هناك قرار أميركي فعلي بضرورة المساعدة في الحسم لا سيما على المستوى العسكري.
لذلك، هناك إعادة تقويم داخل الإدارة الأميركية لسياستها تجاه الوضع السوري وفقاً لمصادر ديبلوماسية غربية. وتبدأ هذه العملية مع تعيين لاري سيلفرمان مسؤولاً عن الملف السوري في الخارجية خلفاً لمدير الشرق الأوسط والمعني بهذا الملف روبرت فورد الذي شغل منصب السفير الأميركي لدى سوريا. إنه إجراء روتيني، سيتبعه تعيين مسؤول عن هذا الملف بالأصالة وليس بالتكليف. فورد ترك السلك الديبلوماسي الأميركي، بسبب إحباطه وفقدانه الأمل بإمكان حصول حسم في سوريا، وبإمكان حصوله هو شخصياً على مركز مهم. وكان فورد يريد الحسم والتشدّد في معالجة مصير النظام السوري.
في الخارجية الأميركية، هناك قسم خاص بالملف السوري يعمل فيه عشرة ديبلوماسيين، فيما ملف لبنان يرتبط مباشرة بديبلوماسي واحد. الإدارة الأميركية مضطرة إلى التعامل مع الموضوع السوري ولو حتى بأقل قدر ممكن وبحدود دنيا معقولة. ذلك انطلاقاً من أنّ الوضع السوري بات يؤثّر في استقرار المنطقة برمّتها. هذا فضلاً عن انفلاش الإرهاب في المنطقة، ثم أنّ الولايات المتحدة كأكبر قوّة في العالم ترى الوضع الإنساني الصعب والقتل والموت والجوع، وبالتالي لا يمكنها القول إنّها لا تستطيع فعل أي شيء. وهناك مسؤولية دولية تقع على عاتق واشنطن حيال الوضع السوري. ويُضاف إلى هذه العوامل التي تدفع واشنطن في اتجاه تقويم سياستها في سوريا، فشل مؤتمر "جنيف2" وعدم تمكنه من تحقيق ولو جزء بسيط من التقدم في العملية السياسية، والأمر الذي زاد الولايات المتحدة إحراجاً، أنّ الرئيس باراك لا يريد أي خطوة تدخّل كبيرة في سوريا مهما كان شكلها، بل يريد الابتعاد عن الوضع السوري لكي لا يؤثّر التدخّل في السياسة الداخلية. إلاّ أنّ الموضوع السوري يفرض نفسه عليه، والصراع داخل الإدارة الأميركية حول التدخّل في سوريا لا يزال قائماً. فالخارجية الأميركية لطالما كانت تريد القيام بعمل ما، ولكن الرئيس كان يوقف أي مبادرة في هذا الشأن من قِبَل فريق في البيت الأبيض، حتى في وزارة الدفاع، هناك مَن يريد القيام بعمل ما يحسم الأمور في سوريا، إلاّ أنّ اوباما لا يريد سوى الحل السياسي و"جنيف2"، والمشكلة التي يواجهها الآن هي فشل هذا المؤتمر.
لقد سمحت واشنطن أخيراً بتسليح المعارضة، كما سمحت للدول العربية بتزويدها بأنواع معينة من الاسلحة المضادة للطائرات للإبقاء على التوازن على الأرض. إنّما الولايات المتحدة لا تريد تكرار سيناريو العراق في سوريا، حيث حصل انتصار كبير للمعارضة وحل نهائي. فهي تريد أن يتم الحفاظ على مؤسسات الدولة والجيش، مع تخوّفها من أن أي انتصار ساحق للمعارضة قد يفكك مؤسسات الدولة.
هناك عناصر متنوّعة تخيف الغرب وواشنطن في المعارضة السورية، أي ما يسمونه "الإرهاب"، في حين أنّ المعارضة صاحبة الثورة على النظام تقاتل التطرّف والإرهاب والتكفير لكي تبقى مقبولة دولياً وغربياً، ما يؤدي إلى استمرار دعمها سياسياً وعسكرياً. وهي تعتبر ذلك مسألة حيوية بالنسبة إليها في علاقتها بالغرب.
مؤتمر "جنيف2" فشل فشلاً ذريعاً، ولم يتم تحديد موعد جديد لاستكمال التفاوض. الغرب، وعلى رأسه واشنطن، يعتبران أنّ أي انعقاد جديد له سيصار إلى تكرار المسرحية حيث لا نتيجة مرجوّة والجميع يتوقع ذلك. الغرب اعتقد أنّه بالإمكان الحصول على مكتسبات في المجال الإنساني عبر فتح ممرات إنسانية. حتى في هذا الموضوع بقيت الأمور ضئيلة، ثم نقل الأمر إلى مجلس الأمن الدولي، وتم إحراج روسيا في الوقت نفسه، لأنّ الغرب والمعارضة لم يأخذا شيئاً في "جنيف2". فصدر قرار في الشأن الإنساني، ويفترض رفع تقرير إلى المجلس كل شهر. إنّما تحويل الموضوع من إنساني إلى سياسي في المجلس، يتوقف على موقف روسيا، وإمكان لجوئها إلى "الفيتو" مجدداً.
صعوبة الملف السوري تبدو أكبر، والتعقيدات تزداد في ضوء الخلاف الأميركي الروسي حول اوكرانيا، والعلاقات بينهما في أدنى مستوى لها. روسيا مصرّة على أن تبقى أوكرانيا في الكنف الروسي، وهي تعتبر أنّ الغرب يأتي إلى منطقة نفوذها القريبة منها، وهذا الوضع سينعكس تشدّداً روسياً حيال الأزمة السورية.