الرئيسة \  مشاركات  \  الإسلام والإرهاب والحرية

الإسلام والإرهاب والحرية

02.02.2015
هيثم عياش



كاتب ومفكر سياسي
برلين 01‏/02‏/2015
لم تعهد اوروبا مظاهرات خرج في مقدمتها رؤساء دول في العالم مثل مظاهرة باريس التي خرجت يوم السبت من 10 كانون ثان / يناير كان ي صفوفها الاولى الرئيس الفرنسي فرانسوا اولند ممسكا بذراع المستشارة انجيلا ميركيل متأبطة هي الاخرى ذراع  رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس وغيرهم ممن شارك بتلك المظاهرة  يزعمهم تضامنهم مع حرية الصحافة والرأي وانهم ضد الارهاب اضافة الى رعايتهم لتلك اليافطات المرفوعة من المتظاهرين يؤكدون انهم كلهم / شارلي ابيدو – أنا شارلي / وصمتهم وعدم ردع الشرطة لبعض من كان يرتدي عباءة شعار الصليبيين / وهو الصليب / اثناء اجتياحهم لبلاد الشام ومجازرهم التي ارتكبوها في القدس وغيرها . المضحك بتلك المظاهرة انها جرت بشارع مغلق تحت حماية كبيرة من عناصر الشرطة الاوروبية عدا عن ذلك فان زعماء الدول الاوروبية الذين شاركوا بالمظاهرة ومظاهرات اخرى ولا سيما مظاهرة برلين التي كانت عبارة عن وقفة تضامن دعا اليها رؤساء المراكز الاسلامية يوم الاثنين من 12 كانون ثان /يناير عند بوابة براندينبورج التاريخية التي تحمل عنوان / ساحة باريس / بمشاركة أقطاب الحكومة الالمانية واعضاء البرلمان والدبلوماسيين وغيرهم لم يأبهوا لشعور المسلمين الذين يشعرون بان كرامتهم منتهكة بسبب الاستهزاء بالاسلام  وبرسول الله محمد صلى الله  عليه وسلم .
لا يوجد انسان في هذه الدنيا يكره الحرية ، وهناك من يعتقد حمايته الحريات العامة الا انه يعادي الحرية فجميع الصحف الالمانية والفرنسية والاوروبية وحتى بعض الصحف العربية خرجت في اليوم التالي لاعتداء باريس تكتب على صفحاتها الاولى وبخطوط عريضة كبيرة / أنا شارلي اوبيد / حتى الرئيس الالماني يوئاخيم جاوك دعا الصحافيين يوم الخميس من 8 كانون ثان / يناير وقبيل استقباله اقطاب الحكومة الالمانية بمناسبة العام الجديد لبؤكد ضم صوته الى صوت الملايين التي تقول / أنا شارلي اوبيدو / ولم تذكر الصحافة واي مسئول اوروبي ببنت شفة  / أنا مع المسلمين وكفى استهزاءا بمشاعر المسلمين /.  الصحيفة الوحيدة  التي أظهرت شجاعتها كانت صحيفة / نيويورك تايمز / التي أكدت / أنا لست شارلي اوبيد / واصفة المظاهرات والتضامن بالنفاق .  وزير الخارجية النرويجي اركي توميوجا كان الوحيد من بين السياسيين الاوروبيين صراحة عن ما آلت اليه الحرية التي تجاوزت حدود الادب وانتهاكات مشاعر الانسان في اوروبا فهو قد اشار الى الحيرة التي تسود اوروبا حاليا ، فاذا ما نطق احد الساسة الاوروبيين بكلمة تسيء الى ذوي البشرة السوداء اتهم بالعنصرية واذا ما انتقد سياسة الكيان الصهيوني اتهم بالمعاداة للسامية الا انه اذا ما قامت صحيفة او سياسي بالاساءة الى الاسلام دافعت اوروبا عن ذلك مؤكدة حمايتها للراي الحر .
الحرية شيء ثمين والمسلمون هم أول من حمى الحريات العامة وحرر  المستعبدين من البشرية وها هو سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه يؤنب امير مصر الصحافي الجليل عمرو بن العاص رضي الله عنه  لانه سكت عن تأديب ولده محمد بن عمرو الذي أهان قبطي لأنه سبق حصانه ، قائلا له / يا عمرو متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارا / .
وينتقد استاذ مادة حقوق الانسان والقانون الدولي بجامعة نورنبيرج هاينر بيليفلدت احد مؤسسي محكمة حقوق الانسان الاوروبية  وعضو رئاسة مجلس شورى حقوق الانسان  التابع للامم المتحدة بمحاضرة القاها هذا اليوم الاحد 1 شباط / فبراير ببيت الثقافة الدولي بالعاصمة برلين اولئك الذين يزعمون حمايتهم للحرية فهم وراء ازدياد قوة الاحزاب المعادية للاسلام في اوروبا ووراء استمرار ماساة الشعب السوري فدعاة الحرية يدعون ويدعمون حرية غير مستقلة فكل صحيفة تهاجم وتستهزأ بالاسلام وكل يد تقوم برسم صورا تستهزأ بمشاعر المسلمين لا صلة لها بالحرية  وهي غير حرة بل تعادي الحريات العامة من بينها عدم المساس بتلك الشخصيات التي لها آثارها الدينية والسياسية والاجتماعية في نفوس الملايين من البشر مشيرا ان الاسلام الذي يؤمن بالحريات العامة ويحافظ عليها ويقف وراء دعمها لم يرغم مسيحي او يهودي على اعتناق الاسلام بل ترك للانسان حرية التفكير بالايمان او الكفر فالقرآن الكريم وفي سورة الكهف / وقل الحق من ربكم فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر – آية 29/ ولم يذكر التاريخ البشري حتى انه لا يوجد في العالم اي تقرير او خبر بأن احدا من المسلمين استهزأ برسول الله عيسى بن مريم عليهما السلام ومن يدافع عن الاستهزاء بالاسلام وبرسوله وبالشخصيات التي لعبت دورا كبيرا في تاريخ الانسانية  معاد للحرية .
الحرية هي مساعدة الشعوب المقهورة بنيل حريتها على حد راي استاذ القضاء الدولي في جامعة مدينة هامبورج نورمان بيتش العضو المؤسس لمحكمة مجرمي الحرب في لاهاي / هولندا / الذي شغل رائسة لجان حقوق الانسان بالبرلمان الالماني بين سنوات 2005 و 2013 واحد  الذين اعتقلهم جيش الكيان الصيهوني الذين كانوا على متن سفن الحرية في طريقهم لانهاء حصار شعب قطاع غزة يوم 31 ايار /مايو من عام 2010  فاوروبا وامريكا التي تزعم بانها مع الحرية غدرت بالشعب السوري الذي يريد الحرية ويجاهد من اجلها منذ عام 2011 بل ان اوروبا وامريكا هي وراء اضطهاد ذلك الشعب ووراء دعم حزب البعث الذي استولى على سوريا عام 1963 ، أوروبا وامريكا التي تدعي حمايتها للحرية تعادي الحرية فهما راء ماساة شعب غزة الذي يعيشة تحت حصار بغيض منذ عام 2007 ، الحرية ليس معناها الدفاع عن الاستهزاء ودعم اولئك الذين يريدون ايقاع حرب بين الاسلام والمسيحية الاحزاب المعادية للاسلام وفي مقدمتها الجبهة القومية الاوروبية لحماية الغرب من الاسلام / بيجيدا / وليدة من يزعم بانه يدافع عن الحرية .
الارهاب وليد المعادين للحرية الذين يزعمون بانهم يدافعون عنها فتنظيم / الدولة الاسلامية – داعش / وليد واشنطن لأنها احتلت العراق وجعلت اهله شيعا تستضعف طائفة على طائفة وغادرته  بعد اشتداد ساعد التنظيم المذكور ليكون طابورها الخامس للقضاء على اي حركة من اهل السنة والجماعة تطالب بحريتها وانهاء العنصرية الدينية التي تتتهجها ايران بالعراق  وتدعم استعباد نظام سوريا لشعبه وفتكه به . ولو كانت امريكا واوروبا بالفعل تنافح   عن الحريات لما ظهر الارهاب  ولم تكن هناك أصوات تطالب بحروب صليبية جديدة .