الرئيسة \  واحة اللقاء  \  الإعلام السوري ومقاربته للاحتجاجات في تركيا

الإعلام السوري ومقاربته للاحتجاجات في تركيا

11.06.2013
حسين عبد العزيز

الحياة
الثلاثاء 11/6/2013
شكلت حركة الاحتجاجات التي شهدتها تركيا فرصة لا تعوض للإعلام السوري للانقضاض على أردوغان وحزب «العدالة والتنمية»، بطريقة فيها من الرعونة الإعلامية السياسية ما يكفي لجعل المشاهد والقارئ يشمئز من هذه اللغة التي لم يعد أحد يتقنها في عالم ما بعد الحداثة سوى الإعلام السوري الهزيل.
لم يستطع رأس الإعلام السوري الوزير عمران الزعبي الانتظار حتى تتكشف حقيقة الاحتجاجات في تركيا، أو ينتظر أياماً معدودة على أمل سقوط مئات أو عشرات القتلى، ليلقن الحكومة التركية دروسا في كيفية التعاطي مع الاحتجاجات.
لكن معالي الوزير الذي تحكمه المبادئ الديموقراطية ومعايير حقوق الإنسان، آثر الدفاع عن المظلومين الأتراك (لا السوريين)، فدعا في اليوم الثاني من انطلاق الاحتجاجات، أردوغان إلى الاستقالة من منصبه بسبب الإرهاب الذي يمارسه ضد الشعب وعدم قدرته على استخدام وسائل سلمية في مواجه المتظاهرين، كما طالب الحكومة التركية بإطلاق سراح معتقلي الرأي، أسوة بالمطالب التركية للحكومة السورية خلال العامين الماضيين (العين بالعين والسن بالسن).
غير أن الابتذال السياسي لم يقتصر على ذلك، بل امتد إلى كل وسائل الإعلام التي خصصت للحدث التركي مساحات واسعة جداً من تغطيتها التي استمرت حتى الخامس من حزيران (يونيو) يوم سقوط القصير.
وخلال هذه الأيام كانت القنوات السورية الثلاث قد جندت كل إمكانياتها لتسليط الضوء على الاحتجاجات عبر نقل الأحداث مباشرة من ساحة «تقسيم» مع ضيوف أتراك وسوريين وعرب موالين للنظام السوري، للحديث عن ديكتاتورية أردوغان والوجه الظلامي لحزب «العدالة والتنمية»، ومحاولاته تغيير وجه تركيا العلماني إلى وجه إسلامي مرفوض ليس فقط في تركيا بل في عموم المنطقة.
كما جند الإعلام كل أدواته لإثبات أن ما يجري في تركيا هو احتجاج على نظام ديكتاتوري يمارس الإرهاب ضد شعبه، وليس نتيجة وجود أياد داخلية وخارجية أرادت تأجيج الوضع كما قال أردوغان... غريب أمر هذا الإعلام الذي أرجع كل أسباب الاحتجاجات التي حدثت في الدول العربية وتركيا إلى الأنظمة الشمولية لهذه الدول، في حين لم يرَ هذا الإعلام طوال سنوات نتائج النظام الشمولي في سورية وتداعياته على كل نواحي الحياة.
ولم تكتفِ القنوات والصحف السورية بذلك، بل أضافت سبباً آخر للاحتجاج على أردوغان، وهو موقفه من الأزمة السورية وابتعاده عن جادة الصواب من خلال معاداته للنظام السوري، وهو موقف لا بد أن يدفع ثمنه من قبل شعبه الذي عرف حقيقة الأزمة السورية.
وبالتوازي مع التغطية الإعلامية دخلت الخارجية السورية على الخط، بدعوتها السوريين إلى عدم السفر إلى تركيا بسبب خطورة الأوضاع هناك، متناسية أن قرابة نصف مليون سوري موجودون في تركيا لم يتعرضوا للأذى، في حين قتل حوالى مئة ألف شخص في سورية ودمرت البنى التحتية للمدن والقرى، ولا تخجل السلطات السورية من توجيه الدعوات للمهجرين للعودة إلى بلدهم في أسلوب يستهتر بعقول السوريين.