الرئيسة \  واحة اللقاء  \  الإنسان أولا في "الثانية" من "جنيف2"

الإنسان أولا في "الثانية" من "جنيف2"

12.02.2014
الوطن السعودية


الثلاثاء 11/2/2014
اُستأنف أمس المحادثات بين وفدي النظام السوري والمعارضة في جنيف، فيما يُعرف بالجولة الثانية من "جنيف2"، دون أن تكون الجولة الأولى قد حققت نتائج مرضية، ودون الحد الأدنى من اعتراف وفد النظام بأنه السبب الرئيس في الأزمة، بل على العكس، كان متحدثو النظام يلقون باللائمة على الجماعات الإرهابية المسلحة.
منطقيا، يمكن القول: إن دخول الجماعات الإرهابية المسلحة على خط النزاع، كان خدمة جليلة للنظام السوري، وأسهم في إطالة أمد صموده، بل ومنحه ذرائع دبلوماسية ذات شواهد ماثلة على الأرض، بعد أن كان نظام "الأسد" -في بدايات الأزمة- يتحجج بمواجهة الإرهاب والجماعات المسلحة، في وقت لم تكن هذه الجماعات موجودة من الأصل، ما يعني أن وجودها، وبكل ما يعرف عنها من الحمق والدموية، حول الخطاب الإعلامي المهترئ، إلى واقع، فأصبحت "داعش"، و"النصرة"، وغيرهما أدوات معينة للنظام تدعي محاربته، بينما هي تنصره، وليس أدل على ذلك من مواجهاتها مع الجيش الحر، على الرغم من أنها تدعي اتفاق أهدافها مع أهدافه، بينما الحقيقة هي أنه لا أحد يمكنه أن تتحد أهدافه مع أهداف القتلة دون تمييز.
إن وجود هذه الجماعات المرفوضة شعبيا ودوليا، هو ما يجعل وفد النظام السوري إلى مفاوضات جنيف يشعر بالثقة، وهو ما يجعل المفاوضات تزداد صعوبة، مما يقلل فرص الوصول إلى نتائج، تحقن دماء السوريين، وتعيد مشرديهم إلى ديارهم، وتلكما أولويتان مقدمتان على الأهداف السياسية؛ لأن الأزمة السورية انحرفت عن مسارها السياسي والعسكري، إلى أن صارت مأساة إنسانية.
ليس مهماً بالنسبة إلى ضحايا الصراع، أن يجلس الطرفان على طاولة واحدة، وليس مهماً أن تقترب وجهات النظر، لأن النظام يتعنت منذ اليوم الأول، ولن يقدم أي تنازلات، ما لم يُكسر عسكريا، وهو ما لا يمكن في ظل تعدد أطراف الصراع، ووجود جماعات "قاعدية" النهج، تترك عسكر النظام، وتقاتل الشعب والجيش الحر.
المهم هو أن تسفر هذه المفاوضات عن حلول للأزمة الإنسانية، ولعل شيئا من هذا كان الثمرة الواضحة في الجولة الأولى من المفاوضات، حين كان الاتفاق بين المعارضة والحكومة على هدنة في حمص القديمة، أدت إلى خروج مئات المدنيين المحاصرين داخل أحيائها، وسمحت بإدخال المساعدات إليهم، على الرغم من أن هذه الهدنة تعرضت للخرق غير مرة.
الأخضر الإبراهيمي سينجح جزئيا إن وضع المسألة الإنسانية على رأس نقاط المحادثات، ولن ينجح فيما عداها، والمسائل الإنسانية هي الأولى في الوقت الراهن.