الرئيسة \  واحة اللقاء  \  الائتلاف السوري لا يجد مَنْ... "يُنْجِدَهُ" !

الائتلاف السوري لا يجد مَنْ... "يُنْجِدَهُ" !

19.08.2014
محمد خروب



الرأي الاردنية
الاثنين 18/8/2014
تبخّر اصدقاء سوريا, ولم يعد لدى هادي البحرة الذي "أصْعَدَهُ" الى الرئاسة, فخامة سلفه الشيخ "الرئيس" احمد الجربا, من يهاتفه أو يحفل به, بعد ان تغيّر جدول اعمال الاصدقاء, وبعد أن انتهت صلاحية الائتلاف وأحيل الى التقاعد أو تُرك الى مصيره في واقع الحال.
ولأن "داعش" حليفة ثوار سوريا وخصوصاً شقيقتها المتمردة أو المُنشَقّة "جبهة النصرة", قد احتلت العناوين وانتزعت لنفسها مكانة على جدول الاعمال الاقليمي والدولي, فإن ائتلاف اسطنبول, وقد فاجأته الاحداث واربكته التطورات وخصوصاً الداخلية السورية, بعد أن "صُفيّ" الجيش الحر, وادارت التنسيقيات والمجالس العسكرية ظهورها للائتلاف, ووجد "جنبلاط سوريا" ونقصد هنا اللاعب في كل الملاعب, وعلى كل الحِبال والمنتقل الذي لا يكلّ بين اليمين واليسار, حدّ التحالف مع الاخوان المسلمين, الشيوعي التائب ميشيل كيلو, نفسه بلا مهمات ولا سفرات أو حتى لقاءات صحفية, فراح يهاجم الائتلاف ويتهمه بالتقصير والفئوية لأن "صفقة" قد عُقدت من وراء ظهره, وجيء بهادي البحرة على رأس الائتلاف, فيما المشاورات (اقرأ الصراعات) مستمرة لاختيار خلف لحكومة احمد طعمة.
آخر أخبار الائتلاف الذي لا يتابعها أحد ولا يوليها أي اهتمام هي خروج هادي البحرة على "العالم", في مؤتمر صحفي من مقر اقامته (المؤقت بالطبع) في مدينة غازي عنتاب التركية, لـِ"يُناشد" الامم المتحدة وجميع الدول المُؤمنة بالحرية (...) وعلى رأسهم الولايات المتحدة, أن يتعاملوا مع الوضع في سورية, كما تعاملوا مع الوضع في كردستان العراق, فالمسببات (كما يزعم) واحدة, والعدو واحد ولا يجوز الكيل بمكيالين.
هكذا قال رئيس المُفاوضين أو المُفاوِض لمرة واحدة في مؤتمر جنيف 2 هادي البحرة, ليكتشف المرء في غير عناء, بؤس وتفاهة المعارضة السورية الخارجية, التي لم تكن سوى حصان طراودة للتدخل الاجنبي في سوريا واداة لتدمير سوريا الوطن والدولة والكيان والشعب والحضارة والدور الجيوسياسي, ودائما لتقسيمها وتحويلها الى دولة فاشلة وارتهانها لمخططات التحالف الصهيوأميركي المدعوم على اكثر من صعيد, من قِبَل دول اقليمية فاعلة بعضها عربي.
فإئتلاف قوى المعارضة والثورة الذي معظم بل الغالبية الساحقة من اعضائه, مِنْ حملة جنسيات اجنبية اقاموا في الخارج عقودا طويلة ولا يربطهم بسوريا سوى "مسقط الرأس" وبقايا علاقات "سياحية" يؤطرها الحنين اكثر مما هي انتماء وطني فضلا عمّا غدا عليه معظمهم من ارتباط سياسي او وظيفي او مالي, مع دوائر معادية لطموحات الشعب السوري نفسه, على نحو يُمكن وصفهم باعداء الشعب السوري, وليس ثواره او الساعين لدعمه ونيل حريته، يخاطب رئيس هذا الائتلاف, العالم "الحُر" باسم "الانسانية" وكأن مثل هذا المصطلح موجود في قاموس الدول الاستعمارية والامبريالية التي اقامت حضارتها وحققت ثراءها وانجزت حداثتها, على حساب الفقراء وثروات الشعوب المنهوبة، واحتلال اراضيها وغزوها والعبث بوحدتها وتمزيق نسيجها الاجتماعي, وإثارة النعرات الطائفية والمذهبية والعِرقية فيها, والدلائل ماثلة وحاضرة في المشهد العربي وامتداد المعمورة, وخصوصاً في الشطر الجنوبي منها، خذ العراق وسوريا وليبيا واليمن ولبنان نموذجاً حياً, ولا تنس قبل ذلك كله فلسطين ومأساة شعبها الممتدة فصولاً, والتي لا يتورع بعض رموز هذا الإئتلاف عن التآمر عليها واعتبار اسرائيل دولة "جارة" يمكنها مساعدة ثوار الحرية والكرامة في سوريا لإسقاط النظام السوري.
ثم يُتحفنا هادي البحرة بمزيد من الدرّر واستحضار المزيد من المصطلحات المُبتذلة التي فقدت معانيها او افقدتها الامبريالية الاميركية محتوياتها ومضامينها, من قبيل انه لا يجوز الكيل بمكيالين، وكأني بهذا المستشرق الآتي من مجاهيل الغرب والذي لم يسمع به السوريون من قبل معارضاً او مشتغلاً بالسياسة او مهتماً بها, بقدر اهتمامه بجمع الاموال وزيادة الارصدة، لا يعرف ان الغرب الامبريالي لا يقيم وزناً لشيء غير مصالحه, وأنه يستخدم "المعارضات" في الدول المختلفة كما الحكّام والجواسيس عبر العالم لمرة واحدة, وعندما تنتهي أدوارها المرسومة والمحددة, يلفظها ويتركها لمصيرها، هذا إذا لم يعاجلها بالتصفية او تسليمها للدمى التي أنزلها على رأس تلك الدولة, أو ذلك التنظيم او وكالة التجسس او الشركة متعددة الجنسيات.
آن الأوان لأن يدرك قادة الإئتلاف السوري أن دورهم انتهى, وان المهمة القذرة التي نهضوا بها لصالح اعداء بلدهم, قد مَكّنت الاعداء من تحقيق بعض خططهم, لكنها لم تُحطم سوريا ولم تسقطها في يد الغزاة والارهابيين والبرابرة، بل الذين سقطوا هم "الثوار المزعومين" في مجلس وإئتلاف اسطنبول, الذين سيُكللهم العار مدى التاريخ وما الهزائم التي لحقت بالارهابيين على امتداد الوطن السوري في الاونة الاخيرة, سوى الدليل على سقوط هذا الوهم المسمى معارضة, وكانت "المليحة" مقبرة ونموذجاً في الان ذاته, للمصير الذي ينتظر اعداء وطنهم، وما تزال الفرصة قائمة للتراجع والعودة الى حضن الدول السورية والبدء بمراجعة نقدية وحوار وطني شامل وصريح, يؤسس لسوريا الغد ويطوي صفحة المواجهات والتخريب والارهاب.