الرئيسة \  واحة اللقاء  \  الائتلاف السوري والتحديات الأربعة

الائتلاف السوري والتحديات الأربعة

25.07.2013
عبد الكريم بدرخان

القدس العربي
الخميس 25/7/2013
يعيش الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية مرحلة مصيرية في تاريخه، فالمسؤوليات والتحدّيات والصعوبات تتكاثر عليه من الداخل والخارج، وهو الآن أمام خيارٍ وحيد، الا وهو النجاح في اجتياز كافة التحديات، وإلا فإن مصيره سيكون مماثلا لمصير المجلس الوطني السوري.
التحدي الأوّل: إعادة هيكلة الجيش السوري الحر: على الجيش الحر أن يكون جيشاً منظماً لكي يحظى بالاعتراف والدعم الدوليين، وإذا أراد الائتلاف تحقيق ذلك، عليه أن ينجز عدة خطوات مهمة، أوّلها أن يضمن من الدول المانحة أن تحصر دعمها للجيش الحر عبر قناة واحدة، وهي هيئة الأركان التي يرأسها اللواء سليم إدريس. فحصر الدعم عبر هذه القناة يعطيها سلطة رئاسية على الكتائب المدعومة، أما الدعم الذي تتلقاه كل كتيبة على حدة، فإنه يجعل الكتائب متعددة الولاءات، كلٌّ منها يتبع للجهة الداعمة له. والخطوة الثانية هي دمج الضباط المنشقين الموجودين في مخيمات تركيا والأردن بكتائب الثوار المقاتلة على الأرض، وأن يتولى هؤلاء الضباط قيادة الكتائب والألوية، نظراً لخبرتهم العسكرية، ولأن وجودهم يعطي ثقة للشعب السوري بوجود جيش وطني حقيقي، ويعطي الثقة للخارج بأنه يتعامل مع ضباط حقيقيين، يمتلكون الخبرة العسكرية، والأهلية لحمل السلاح النوعي. أما الخطوة الثالثة فهي إعادة تسمية الألوية والكتائب بالأرقام، كما هو الحال في كافة جيوش العالم، فالجيش الوطني يجب أن يمثل كافة أبناء الوطن، ويجب ان تسمى فرقه وألويته وكتائبه بأرقام مجردة، لا بأسماء توحي بدلالات تاريخية أو سياسية أو دينية أو عرقية.
التحدي الثاني تشكيل هيئة تنفيذية: تعاني المناطق المحررة في سورية من غياب الدولة والمؤسسات، حيث تترك الأمور للسكان لكي يديروا شؤون حياتهم في أحسن الأحوال، أو تفرض الكتائب المسلحة نظامها وقوانينها على المناطق التي تسيطر عليها في أسوأ الأحوال، وأصبح واضحاً مدى تذمر المواطنين من الأحكام القمعية الجديدة التي صارت تفرض عليهم. في المناطق المحررة اليوم لا يوجد قانون، ولا توجد مؤسسات خدمية تؤمن الطاقة والغذاء والمياه، أو تشرف على أمور الزراعة والصناعة والتجارة.
من هنا جاءت فكرة الحكومة المؤقتة قبل أشهر، التي لم يكتب لها التطبيق. ومن هنا تأتي اليوم فكرة تشكيل هيئة تنفيذية مكونة من عشرة أشخاص، يكونون بمثابة وزراء تكنوقراط، يعملون في الداخل السوري، وتمتد سلطتهم ـ حسب الاختصاص- على كافة الأراضي المحررة، لكن هذه الهيئة التنفيذية لن يكتب لها النجاح، إنْ لمَ تحظَ بدعمٍ مادي وسياسي واستشاري كالدعم الذي تحظى به أي حكومة في دول الجوار، بل إن الكارثة الإنسانية الكبرى في سورية، تفرض أن تحظى هذه الهيئة بميزانية أكبر من ميزانيات دول الجوار.
التحدي الثالث توفير الدعم الإغاثي: تشير الإحصاءات الصادرة عن الأمم المتحدة، وعن المنظمات غير الحكومية، وعن وحدة تنسيق الدعم التابعة للائتـــــلاف؛ إلى معدلات عالية في الكارثة الإنسانية في سورية.
سواءً من حيث عدد اللاجئين في الخارج، أو عدد النازحين في الداخل، أو عدد الذين تدمرت بيوتهم، أو عدد المحتاجين للدعم الغذائي والطبي. وتقول المؤسسات الإغاثية السورية إن المبالغ المعلن عنها من الدول المانحة، لا يصل منها إلا جزءٌ ضئيل، وهو جزءٌ غير كافٍ لسدّ الفجوة الكبيرة بين الإمكانيات المتاحة والاحتياجات المتزايدة.
ومن هنا، يجب على الائتلاف أن يعتمد على الشعب السوري، وأن يصل إلى حلم التمويل الذاتي. ويكون ذلك بإقامة مشاريع إنتاجية داخل سورية وخارجها، وفتح مكاتب لتشغيل اليد العاملة السورية في مختلف دول العالم، على أن يحصل الائتلاف على نسبٍ من هذه الأرباح. الفكرة الأساسية هي استغلال اليد العاملة السورية بدلاً من أن نمدّ هذه اليد إلى المساعدات الخارجية.
التحدي الرابع تطوير الخطاب السياسي والإعلامي: لقد كان لإعلام الثورة الدور الكبير بتعريف العالم بحقيقة ما يجري في سورية، بعد أن منع النظام السوري كافة وسائل الإعلام العربية والأجنبية من العمل في سورية. لكن إعلام الثورة نفسه؛ أساء للثورة كثيراً، ومن حيث لا يدري. فكل إعلامي يتكلّم على هواه، من دون أي خطة أو استراتيجية أو موقف موحّد يتفق عليه جميع الإعلاميين.
ومنذ بداية الثورة، كان الخطاب الثوري الشعبوي موجهاً إلى الخارج، ويحمل ثيمتين أساسيتين، هما ‘كشف جرائم النظام، ودعوة العالم للتدخل لإنقاذ الشعب السوري’، بالإضافة إلى خطابٍ مبطّن يتضمّن التهديد والوعيد لمؤيدي النظام السوري. وعندما ننظر إلى الخطاب الرسمي للثورة والمتمثل بالبيانات الصحافية التي يصدرها الائتلاف، نجد أن جميع هذه البيانات يمكن’اختصارها أيضاً بجملتين: ‘ندين إجرام النظام السوري، ونطالب المجتمع الدولي ومجلس الأمن بالتدخل’.
إن الخطاب الأهم الذي لم تهتم به الثورة، ولم تفكّر به المعارضة السياسية؛ هو الخطاب الموجّه إلى الشعب السوري، خاصةً المؤيدين لنظام بشار الأسد، وكذلك المحايدين. هؤلاء من يجب على الائتلاف الوطني أن يخاطبهم خطاباً عقلانياً واعياً، في محاولةٍ منه لإقناعهم بترك سفينة النظام الغارقة، والالتحاق بركب ثورة الشعب. ويُشترط، بنفس الوقت، أن يكون الائتلاف قادراً على تنفيذ وعوده لهم.
‘ كاتب سوري مقيم في اسطنبول