الرئيسة \  واحة اللقاء  \  الائتلاف وآفاق المرحلة المقبلة في سوريا

الائتلاف وآفاق المرحلة المقبلة في سوريا

13.07.2013
فايز سارة

المستقبل
السبت 13/7/2013
يجزم بعضهم، ان الائتلاف الوطني السوري لقوى الثورة والمعارضة، يقف امام مرحلة جديدة ومختلفة عن المرحلة السابقة. ويستند اصحاب هذه النظرة الى ما شهده الائتلاف في الشهر الاخير من تطورات، كان ابرزها حدوث توسعة في عدد اعضائه، ادت الى مضاعفته تقريبا، وهي زيادة ترتب عليها دخول ممثلين لمكونات سورية، لم تكن حاضرة فيه، كما هو حال ممثلي هيئة أركان الجيش السوري الحر، أو ان وجودها كان رمزياً على نحو ما كان عليه حضور التيار الديموقراطي السوري داخل الائتلاف او ما كان عليه ممثلو الحراك الثوري من محدودية الحضور.
اما التطور الثاني المهم الذي شهده الائتلاف، فكان انعقاد دورة جديدة للائتلاف بشكله وتعداده الجديدين. ورغم تقليدية ماتقدم للاجتماع من تقارير، فإن كثيراً من تفاصيل الاجتماع كانت مختلفة، ومن ذلك جدية وحرارة النقاشات حول الائتلاف ونشاطاته ومحتويات تقاريره، اضافة الى اجراء تعديلات على بعض محتويات النظام الاساسي للائتلاف. غير ان الاهم في ما جرى، فجسدته الانتخابات التي تمت للهيئة القيادية في المستويين، مستوى رئاسة الائتلاف لجهة انتخاب الرئيس وثلاثة نواب وامين عام، ثم في مستوى انتخاب الهيئة السياسية، التي ضمت اضافة الى رئاسة الائتلاف اربعة عشر عضواً يشكلون مجموع الهيئة السياسية، وكان ذلك يعكس نقلة مهمة على صعيد الممارسة الديموقراطية داخل هذه المؤسسة.
وثالث التطورات التي شهدها الائتلاف، كان في بروز تبدل في رؤية الائتلاف ودوره في المرحلة المقبلة، وهو تبدل ظهرت ملامحه في صراع ديموقراطي بين رؤية تقليدية ظهرت مع ولادة الائتلاف اواخر العام الماضي ورؤية جديدة تمثلها توجهات الكتلة الديموقراطية وتحالفاتها، والتي صارت قوة وازنة داخل الائتلاف، وظهرت ملامح التبدل في رؤية الائتلاف ودوره في المرحلة المقبلة في اطروحات القيادات الجديدة وتصريحاتها للصحافة، والتي ركزت على ضرورة اعادة ترتيب اوضاع الائتلاف بوصفه مؤسسة سوية مستقلة تمثل الشعب السوري وتتولى مسؤولية معالجة مشاكله داخل سوريا وفي الخارج، والتركيز على اوضاع الداخل السوري، وان للائتلاف دوراً اساسياً بقيادة نضال السوريين لتحقيق اهداف الثورة في اسقاط النظام واقامة نظام ديمقراطي بديل يوفر العدالة والمساواة للسوريين جميعاً. كما ان بين تلك الملامح، ما ظهر من سياسة معلنة للقيادة الجديدة للائتلاف بضرورة مشاركة كل المكونات في عمل الائتلاف في المرحلة المقبلة دون استبعاد اي طرف كان، طالما رغب في العمل ضمن خطة متوافق عليها للنهوض بالائتلاف وتوسيع دوره في الحياة السورية وفي معالجة كل الموضوعات ولاسيما الساخنة منها كما في موضوع الجيش الحر وضرورة توحيده وتكليفه القيام بدوره ليس فقط في الدفاع عن الثورة، وتأمين المناطق الخارجة عن سيطرة النظام وحماية الاملاك والمؤسسات العامة والخاصة فيها، والذهاب الى الأبعد ليكون نواة للجيش السوري في المرحلة المقبلة، اضافة الى قيام الائتلاف بمعالجة الشؤون الحياتية للسوريين سواء المقيمين في سوريا او من اضطر منهم للنزوح واللجوء الى دول الجوار، والعمل لتأمين احتياجاتهم المعاشية والصحية والتعليمية، تمهيداً لاستعادة حياتهم الطبيعية.
ومما لاشك فيه، ان المضي على طريق تحقيق تلك الافكار وتطويرها الى رؤية وسياسة معلنة، يتطلب جملة اجراءات ادارية وتنظيمية من جهة، ورسم رؤية معلنة وبرنامجاً سياسياً اجتماعياً للائتلاف.
ان الابرز في الاجراءات العاجلة المطلوبة، هو البدء في تنظيم المؤسسات المركزية للائتلاف وفي هذا السياق هناك ثلاث مؤسسات اساسية، اولاها مؤسسة الرئاسة والتي تشمل مكتب الرئيس ونوابه الثلاثة، ليكون بمقدورهم العمل كفريق واحد متكامل ومتضامن في أن معاً، والمؤسسة الثانية، هي الامانة العامة التي ينبغي تنظيمها وتطويرها بما يخدم توجهات وخطط الائتلاف وعلاقاته الداخلية والخارجية، وخاصة لجهة توفير قواعد البيانات والمعطيات والدعم اللوجستي. والمؤسسة الثالثة، هي الهيئة السياسية التي ينبغي اعادة النظر في مهامتها، واعادة رسم هذه المهمات على اسس جديدة، تتجاوز الدور الاستشاري، والتحول الى مباشرة مسؤوليات في متابعة ملفات محددة وخاصة ملفات القضايا الساخنة والهامة.
ويندرج في اطار المهمات الاجرائية المطلوبة، التوقف عند الاوضاع الراهنة للمؤسسات العاملة في اطار الائتلاف او في حوافه، وخاصة المؤسسة الاعلامية والمجالس المحلية ووحدة تنسيق الدعم ومجلس السلم الاهلي، وتقييم اوضاع ونشاطات هذه المؤسسات، وفتح الابواب امام تطويرها بما يخدم اهدافها، وبما يناسب توجهات المرحلة المقبلة.
اما في موضوع اعلان رؤية وبرنامج سياسي اجتماعي للائتلاف، فإن ابرز الخطوات المطلوبة، تشمل تأكيد الدور القيادي للائتلاف بوصفه القوة التمثيلية للشعب السوري بالاستناد الى امرين مكرسين في الواقع، اولهما كونه الاطار الاكثر تمثيلاً للاتجاهات والكيانات والجماعات السياسية والعسكرية، التي تتبنى اهداف ثورة السوريين، والثاني تعزيز الاعتراف الاقليمي والدولي بالائتلاف باعتباره ممثل الشعب السوري الساعي الى الخلاص من نظامه، واقامة نظام يتوافق ومصالح السوريين.
غير ان انطلاق الائتلاف من هذين الامرين اساساً في اعلان رؤيته وبرنامجه السياسي الاجتماعي، لابد ان يأخذ بعين الاعتبار نقطتين، الاولى وجود قوى معارضة وتشكيلات عسكرية ومدنية، مازالت خارج الائتلاف، وان الجهد ينبغي ان يبذل لضمها الى الائتلاف او ايجاد صيغ للتعامل معها طالما كانت اهدافها ومساعيها تتوافق وتتلاقى مع اهداف ومساعي الائتلاف، والثانية، تأكيد ان الائتلاف يمثل القرار السوري المستقل والنابع من المصالح الوطنية العليا، التي لا تقبل مهادنة ولا مساومة، دون ان يعني ذلك الانغلاق على القوى الاقليمية والدولية ومنها البلدان التي ايدت ثورة السوريين، وقدمت لهم اشكالاً من المساعدة المتعددة الاوجه في الفترة الماضية، وخاصة في ظل حقيقة، ان القضية السورية اصبحت قضية اقليمية دولية لايمكن نزع هذه الصفة عنها، وان معالجة هذه القضية وحسمها لايمكن القيام به دون جهد اقليمي دولي مشارك.
ان الاساس في محتويات البرنامج السياسي- الاجتماعي للائتلاف، ينبغي قيامه على خلاصات تتضمن العمل على إسقاط النظام وأقامة نظام ديموقراطي يستجيب لمطالب السوريين، والاستفادة من كل الفرص والمبادرات السياسية التي يمكن ان توفر دم السوريين وارواحهم وقدراتهم الفردية والعامة، طالما كان الهدف هو تغيير النظام والانتقال إلى نظام ديموقراطي تعددي يوفر الحرية والعدالة والمساواة.
والعمل على تقوية الائتلاف وتعزيز الجهود نحو وحدة المعارضة بما يعزز سيرها نحو انجاز المهمات المشتركة بما في ذلك الانفتاح على قوى المعارضة في الداخل، اضافة للعمل على توحيد الجيش الحر ودعمه واعتبار هيئة الأركان العنصر الرئيس في هذه المهمة.
دعم الحراك الثوري والمدني في الداخل السوري وفي بلدان المهجر ولاسيما في بلدان الجوار والعمل على تفعيل وتطوير المجالس المحلية، وبذل الجهود نحو تقديم كل أشكال الدعم والإغاثة للداخل السوري وبخاصة إلى المناطق المنكوبة، والاهتمام بالأحوال المعاشية للسوريين في الداخل وفي بلدان اللجوء من حيث توفير الخدمات الأساسية وتوفير فرص للدخول في عملية تنمية هي جزء من خطة إعادة بناء سوريا.