الرئيسة \  واحة اللقاء  \  الاتفاق الأميركي - الروسي يحقّق السلام والتقارب السعودي - الإيراني يحلّ أزمات المنطقة

الاتفاق الأميركي - الروسي يحقّق السلام والتقارب السعودي - الإيراني يحلّ أزمات المنطقة

04.12.2013
اميل خوري


النهار
الثلاثاء 3/12/2013
إذا كان الصراع على السلطة في دول عربية أغرقها في الفوضى العارمة وكاد أن ينسيها القضية الفلسطينية، فان الصراع على السلطة في لبنان يكاد يغرقه في فراغ شامل قد يودي به إلى الفوضى أيضاً وينسيه المحكمة الدولية الخاصة به والتي من المقرر أن تباشر الشهر المقبل محاكمة المتهمين باغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري ورفاقه والاغتيالات المماثلة ما لم يطرأ ما يؤجل المحاكمة مرة أخرى.
والسؤال المطروح هو: هل تواصل المحكمة سيرها من دون عوائق وتأثيرات سياسية قد تدخلها في لعبة التسويات والصفقات التي بدأت مع إيران حول الملف النووي وربما مع ملفات أخرى تتناول الأزمة السورية والأزمة اللبنانية والاوضاع الأمنية المتدهورة في عدد من دول المنطقة؟
لقد قضت تسوية "السين – سين" (السعودية وسوريا) في الماضي بوقف محاكمة المتهمين في جريمة اغتيال الرئيس الحريري ورفاقه في مقابل تخلّي "حزب الله" عن سلاحه لتقوم في لبنان الدولة القوية القادرة على بسط سلطتها وسيادتها على كل الاراضي ولا يبقى سلاح غير سلاحها، وأن يتوّج الاتفاق على ذلك بعقد مؤتمر مصالحة ومسامحة في الرياض. لكن سوريا التي كانت تريد أن تأخذ قبل أن تعطي أفشلت المعادلة وأعادت الصراع على أشده بينها وبين السعودية، فدفعت حكومة الرئيس سعد الحريري التي تشكلت على أساس اتفاق الدوحة الثمن باستقالتها نتيجة استقالة الوزراء الذين يمثلون قوى 8 آذار وخلفتها حكومة برئاسة الرئيس نجيب ميقاتي من لون سياسي واحد خصوصاً بالنسبة إلى سوريا وقد عرفت بحكومة "حزب الله" التي ضربت رقماً قياسياً في الفشل والشلل فكانت حكومة تصريف أعمال قبل أن تتحول إلى ذلك بعد استقالتها تحت ضغط الخروج عن سياسة النأي بالنفس وتدخّل "حزب الله" عسكرياً وعلى المكشوف في الحرب السورية بين النظام وخصومه، وقد عجز أقطاب 8 و14 آذار عن التوصل إلى اتفاق على تشكيل حكومة جديدة بسبب إصرار 8 آذار على أن تكون حكومة "وحدة وطنية جامعة" وإصرار 14 آذار على أن تكون حيادية ومن خارج هاتين القوتين لأنه يصعب، إن لم يكن يستحيل، تشكيل حكومة جامعة مع استمرار "حزب الله" في القتال في سوريا خارقاً بذلك سياسة النأي بالنفس وما نص عليه "اعلان بعبدا" لجهة تحييد لبنان عن كل الصراعات حفاظاً على أمنه واستقراره، وبعدما أدى هذا التدخل إلى عودة التفجيرات إلى لبنان وتحويل أرضه ساحة لتصفية الحسابات، وأخطر هذه التفجيرات تلك التي استهدفت السفارة الايرانية وقد اخطأتها لحسن الحظ وكانت انتحارية مما زاد خطورتها وأبعادها. فهل يمكن الاستعاضة عن معادلة "السين – سين" بمعادلة إيرانية – سعودية؟ وهذا يتطلب عقد قمة بين البلدين للاتفاق على التفاصيل، وقد يكون عقدها مرتبطاً بنجاح انعقاد مؤتمر جنيف – 2 ما دام الرئيس بشار الأسد يعلن "أن المعركة بينه وبين السعودية مفتوحة". ومعلوم أن ما من دولة وإن قوية تستطيع بمفردها حلّ مشكلات معقدة في أي دولة ولا بدّ من دولتين على الأقل لايجاد هذا الحلّ. فعندما اتفقت الولايات المتحدة الأميركية والرئيس عبد الناصر انتهت احداث 58 في لبنان وتم الاتفاق على انتخاب اللواء فؤاد شهاب رئيساً للجمهورية. وعندما تفاهمت سوريا والسعودية على اتفاق الطائف توقف القتال وصار لبنان خاضعاً لوصاية سورية. وعندما عاد الخلاف بين سوريا والسعودية عادت الخلافات والانقسامات بين اللبنانيين بحيث بلغت حد تعذر التوصل إلى اتفاق على قانون تجرى الانتخابات النيابية على أساسه فصار التمديد لمجلس النواب، كما تعذّر الاتفاق حتى على تشكيل حكومة جديدة، وقد يتعذّر الاتفاق أيضاً على انتخاب رئيس للجمهورية فيصبح لبنان محكوماً بالفراغ...
إلى ذلك، يمكن القول أن حلّ الأزمة السورية يحتاج إلى تقارب أو تفاهم إيراني – سعودي بتشجيع أميركي – روسي، كما يحتاج إلى ذلك ايضاً حل الأزمة في لبنان وفي أكثر من دولة عربية تسودها الفوضى. ويمكن القول أيضاً أن المحكمة الخاصة بلبنان قد تسير على وقع التطورات في المنطقة، أما إذا ظلّ التباعد أو الجفاء قائمين بين ايران والسعودية ولم يؤثر الاتفاق الأميركي – الروسي على ازالتهما فقد يكون للمحكمة الدولية مسار آخر ومصير مختلف بفعل التطورات، أو ينعكس الحكم الذي سيصدر عنها سلباً على الوحدة الوطنية والعيش المشترك ويكون لبنان اليوم غير لبنان الغد... فهل يؤدي التقارب الأميركي – الإيراني إلى تطيير المحكمة أم أن الحكم الذي سيصدر عنها يطيِّر لبنان الواحد؟