الرئيسة \  واحة اللقاء  \  الاتفاق الأميركي - الروسي يضمن أمن إسرائيل والاتفاق مع إيران يحلّ مشكلة سلاح الحزب

الاتفاق الأميركي - الروسي يضمن أمن إسرائيل والاتفاق مع إيران يحلّ مشكلة سلاح الحزب

12.10.2013
اميل خوري


النهار
الجمعة 11/10/2013
الذين سرَّهم قول وزير الخارجية الاميركي جون كيري "ان عملية تدمير الاسلحة الكيميائية السورية بدأت في زمن قياسي ونحن ممتنون للتعاون الروسي وكذلك طبعاً للامتثال السوري، وان هذا الامر نقطة تسجل لنظام الأسد"، ليتهم ينتظرون خاتمة ما يجري تحت الطاولة بين الدول المعنية بالأزمة السورية لأن من يضحك أخيراً يضحك كثيراً، خصوصاً عندما تكون اسرائيل هي التي ترى وتسمع، وهي المستفيدة مما يجري في عدد من الدول العربية، سواء من صراع على السلطة يسقط فيه قتلى وجرحى أو فوضى عارمة تشعل حروباً داخلية مذهبية وعشائرية وعرقية، وهذا ما جعل الرئيس نبيه بري يحذر وهو في جنيف من "المخطط المستمر الهادف الى تمزيق العديد من الدول العربية وتقسيمها وإغراقها في الدماء والحروب الأهلية".
إن الذين سرّهم كلام الوزير كيري عن النظام السوري ينسون أو يتناسون أنهم كانوا يصفون دولته بالامبريالية الصهيونية، ولا يعتبرون أن تدمير الاسلحة الكيميائية السورية التي حظي الرئيس بشار الاسد باشادة روسية وأميركية عليه هو خدمة مجانية لاسرائيل، لأن هذا السلاح الذي اعتبر أنه يشكل توازن رعب مع اسرائيل في مقابل السلاح النووي، قد أخرج سوريا من أي حرب محتملة مع اسرائيل، كما أخرج من قبل مصر بعقد اتفاق كمب ديفيد معها والاردن بعقد اتفاق وادي عربة. لكن اسرائيل لم تنجح في جعل لبنان دولة أخرى تعقد معها اتفاق سلام على رغم اجتياحها أراضيه وبلوغها العاصمة بيروت وتنصيبها فيه حكما ظنت انه سينفذ مطالبها بتوقيع اتفاق سلام، جاهلة أو متجاهلة تركيبة لبنان السياسية والمذهبية الدقيقة التي لا تسمح لطرف واحد بأن يفعل ذلك دونما اتفاق مع الطرف الآخر.
الواقع، ان كل ما يجري وسوف يجري في المنطقة هو لمصلحة أمن اسرائيل ولمصلحة بقائها الدولة الاقوى في المنطقة. فاتفاق فك الاشتباك في الجولان كان لمصلحة اسرائيل لأن النظام السوري التزم التزاماً تاماً تنفيذ هذا الاتفاق وامتنع عن اطلاق رصاصة واحدة في اتجاه اسرائيل، وتدمير الاسلحة الكيميائية السورية هو خدمة لاسرائيل، وتدمير المرافق السورية والبنى التحتية والفوقية فيها بأيدي السوريين أنفسهم وغير السوريين هو أيضا خدمة مجانية لاسرائيل، اذ عوض ان تقوم اسرائيل بذلك وتدفع الثمن غالياً إذا بالاتفاق الاميركي – الروسي يتولى ذلك عنها، وهو اتفاق ما كان ليحصل لو لم تهدد اميركا سوريا بضربة عسكرية ولا تستطيع روسيا أن تقف موقف المتفرج منها وهي ترى دولاً صديقة وحليفة لها تضرب حتى وان اعلنت خلاف ذلك، لتجعل الرئيس الاسد يوافق على تدمير الاسلحة الكيميائية لتفادي وقوع حرب مدمرة في المنطقة لا تستطيع روسيا أن تظل متفرجة عليها لكنها غير مستعدة للدخول في مثل هذه الحرب من أجل الاسلحة الكيميائية ومن أجل نظام سوف يسقط بفعل هذه الحرب، في حين انه قد يبقى إذا تجنّبها وكان ثمن بقائه تدمير هذا السلاح.
وليست هي المرة الاولى ولا الاخيرة التي تستفيد اسرائيل من مواقف المجتمع الدولي وقرارات مجلس الأمن ومن الاتفاقات التي تعقد. فاتفاق القاهرة اشعل حرباً أهلية في لبنان دامت 15 سنة، واتفاق الطائف سمح بدخول قوة سورية الى لبنان لوقف الاقتتال فيه وكان شرط اسرائيل أن تتولى هذه القوة اخراج المسلحين الفلسطينيين وعلى رأسهم ياسر عرفات من لبنان الى تونس علَّ بخروجهم تهدأ جبهة جنوب لبنان مع اسرائيل ولا تظل نقطة انطلاق لعمليات فدائية فلسطينية ضد اسرائيل، وانقسام الفلسطينيين بين سلطتين في غزة والضفة وحصول اشتباكات من حين الى آخر بين حركة "فتح" ومن معها وحركة "حماس" ومن معها أراح اسرائيل وبرر تهربها من المفاوضات لتستمر في بناء المستوطنات. ولكي تهدأ جبهة الجنوب من عمليات المقاومة الاسلامية بقيادة "حزب الله" تم تنفيذ القرار 1701 على نحو يرضي اسرائيل وذلك بانتشار قوات دولية والى جانبها جيش لبناني في المنطقة الحدودية مع اسرائيل كي تتوقف العمليات العسكرية، وهو ما حصل من دون التوصل حتى الى وقف لاطلاق النار كما نص القرار لأن اسرائيل لا يهمها سوى وقف الاعمال العسكرية.
وتنتظر اسرائيل الآن نتيجة التقارب الاميركي – الروسي والتقارب الاميركي – الايراني بالنسبة الى الملف النووي، حتى اذا ما كان التخصيب لخدمة السلام وليس لخدمة الحرب، ترتاح اسرائيل من خطره بعدما ارتاحت من خطر السلاح الكيميائي السوري وعلى أمل ان ترتاح من سلاح "حزب الله" الذي يفقد وظيفته عند حصول اتفاق أميركي – ايراني".
الى ذلك، ان على من يسرّهم ما يجري في المنطقة وخصوصا مع سوريا ومع ايران، ان ينتظروا النتائج فاما يفرحون بها او يحزنون...