الرئيسة \  واحة اللقاء  \  الاتفاق المحتمل مع إيران ينعكس على الحل في سوريا

الاتفاق المحتمل مع إيران ينعكس على الحل في سوريا

09.03.2015
ثريا شاهين



المستقبل
الاحد 8-3-2015
زار الموفد الدولي للحل في سوريا ستيفان دي ميستورا دمشق بداية الأسبوع الفائت محاولاً البحث مع المعارضة والنظام في تنفيذ خطته لوقف القتال في حلب.
وجاءت الزيارة بعدما قدم دي ميستورا تقريره أمام مجلس الأمن حول ما آلت إليه تحرّكاته لتنفيذ الخطة. وكان في زيارته السابقة إلى سوريا اتفق مع النظام على ان يوقف قصف حلب لمدة ستة أسابيع. وبالتالي الزيارة الأخيرة لسوريا هدفت وفق مصادر ديبلوماسية إلى التفاهم حول بداية الأسابيع الستة.
هناك اختلاف في النظرة مع النظام على مفهوم تجميد القتال. الموفد الدولي يقول بضرورة ان يبقى المسلحون في مواقعهم، على أن تأتيهم المساعدات الإنسانية الدولية. في حين أن النظام يطالب بأن يسلم المسلحون أنفسهم له، وأن يدخل الجيش السوري حلب، أي على غرار ما حصل سابقاً في حمص.
النظام قام في هذه الأثناء بهجوم على حلب. هو ليس فقط لم يوقف القصف ضدّ مناطق المعارضة، إنما قام بهذا الهجوم. ومن الصعب أن يعمل النظام للقبول بخطة دي ميستورا. لأنه يعتقد ان بإمكانه أن يحسم عسكرياً الوضع، وهو لم ييأس من الحل العسكري، وطالما هذا ما يفكر به، فهو لن يقوم بقبول أي حل سياسي.
أي ان هناك شد حبال ليس فقط بين الأطراف السورية، إنما بين الأطراف الاقليمية التي ترعى الطرفين السوريين. ولا يبدو أن خطة دي ميستورا ستجد طريقها إلى التنفيذ نظراً لعرقلتها مرة من المعارضة ومرات عدة من النظام. لكن الأمل يبقى ان توقيع الاتفاق بين الغرب وإيران سيعيد خلط الأوراق في المنطقة، وسيخلق ظروفاً ايجابية أكثر مؤاتية للحلول في كل الدول المشتعلة ومن ضمنها في سوريا، ذلك ان مصير النظام السوري ورئيسه بشار الأسد سيكون موضع نقاش مع إيران في مرحلة مقبلة.
ونظرة دي ميستورا تختلف عن نظرة الأميركيين والفرنسيين بالنسبة إلى طريقة التعامل مع النظام. دي ميستورا قال ان الرئيس السوري بشار الاسد جزء من الحل. لكن الغرب يرى انه اذا لم يحصل ضغط على النظام لن يقبل بالحل. على الأرض لا ضغوط على النظام عسكرياً، وفي السياسة لا ضغوط عليه. وبالتالي من منظار الأسد لماذا يلجا إلى التفاوض. وفي تجارب سابقة سعى النظام لإعاقة أي مبادرات لأنه يريد الانتظار. دي ميستورا يدرك تماماً انه ولو كان مبعوثاً دولياً، إلا انه لا يمكن له أن يقول بأن على الاسد الرحيل، تلافياً لعدم استقباله من قِبَل النظام. وبالتالي، تلافياً لأن تفشل مهمته، إذ انه يطرح مبادرة تقوم على فكرة تجميد القتال في حلب والأمر يستلزم البحث مع الطرفين اي المعارضة والنظام.
دي ميستورا يقوم بتسليف الأسد لجرّه إلى القبول بالحل المطروح، والحل ليس سيئاً بالنسبة إلى المعارضة. النظام يريد الدخول إلى حلب من دون قتال، وهذه نقطة الخلاف. لكن إذا حصل اتفاق يعني قبول النظام بالحل المطروح. انما من الصعب جرّ النظام إلى الحل، طالما انه يحقق انتصارات على الأرض. لكن دي ميستورا يريد إنجاح مهمته والضغط في هذا الاتجاه. الغرب كله ومعه دي ميستورا لا يريدون تكرار تجربة حمص عندما سيطر النظام على الأرض وحصل استسلام له. في حلب يريد دي ميستورا تجميد القتال وعدم تمدد أي طرف خارج مواقعه.
والنظام طيلة الفترة الماضية من التفاوض معه، كان يفضّل التفاوض مع نائب دي ميستورا، وكانت المفاوضات صعبة لا سيما وأن التجميد لم يرق للنظام. الأمر الذي أدى الى تأجيل احاطة دي ميستورا مجلس الأمن بما توصل إليه حول خطته من كانون الثاني إلى 17 شباط المنصرم.
يعتقد دي ميستورا ان بإمكانه عبر اعتباره ان الأسد جزء من الحل ان يجرّ الاسد الى القبول بالحل السياسي عبر التنازل عن صلاحياته الرئاسية أو التفاهم في مرحلة اولى على حل وسط. فكرة دي ميستورا هي التوصل الى حل مع النظام بشكل تدريجي أي التقدم خطوة خطوة. المشكلة هي لماذا يقبل النظام بالحل، في وقت لا يريد المجتمع الدولي أن يقوم بأية خطوة، وليس لدى الأسد نيّة حقيقية بالقيام بتجميد للقتال في حلب.
الخلاف الكبير في التفاوض مع الأسد هو حول المقاتلين في حلب ومستقبل وضعهم. والأسد كان يريد أن يذهب دي ميستورا إلى مجلس الأمن للقول انه لا يزال يتشاور مع النظام، إنما دي ميستورا أراد ان يذهب إلى المجلس ومعه جواب محدد حول خطته، وليس انه لا يزال يناقش الوضع.