الرئيسة \  واحة اللقاء  \  الاتفاق النووي.. 120 ملياراً بيد إيران هل ستغير المشهد؟

الاتفاق النووي.. 120 ملياراً بيد إيران هل ستغير المشهد؟

16.07.2015
رومان حداد



الرأي الاردنية
الاربعاء 15/7/2015
الاتفاق النووي بين مجموعة (5زائد1) وإيران يشكل مرحلة مهمة في جوانب عدة لا يمكن إغفالها أو المرور عنها سريعاً، ولكن كذلك لا يجب التسرع بالحكم على هذا الاتفاق باعتباره صك عالمي على بياض لإيران لاستلام المنطقة.سيخرج عدد من الكتاب ومن يتعاطون الشأن السياسي لإظهار الاتفاق على أنه انتصار حاسم للإيرانيين، وهو ما يوجب على الأردن إعادة حساباته في اصطفافاته وتحالفاته وتموضعه على الخريطة السياسية في المنطقة، وضرورة الانفتاح المباشر والسريع على طهران، والتي سيتم تسويقها من قبل هؤلاء بأنها جاهزة بدورها للانفتاح على عمان من دون شروط، ومن دون رغبة بالسيطرة.ما يقلق حقاً بالاتفاق النووي أن الولايات المتحدة لم تناقش علناً أو سراً مع المفاوضين الإيرانيين دور إيران القادم في المنطقة، بل كانت كل جهودها الدبلوماسية منصبة على الاتفاق النووي بحد ذاته، ومرد ذلك أن إنجاز هذا الاتفاق يكمل الأجندة الرئاسية لأوباما، فهو قد انسحب من أفغانستان ومن العراق وأنجز الاتفاق النووي كما وعد، وبالتالي لم تهتم الولايات المتحدة بالخسائر التي كبدتها للمنطقة بانسحاباتها غير المدرسة، ولا بكلفة العودة المتأخرة للمنطقة عند الضرورة، كل ما كان يهم هو استعادة الرئاسة الأمريكية لقيمة الصدق بالوعود للناخب الأمريكي، وإبقاء تركة ثقيلة للرئيس القادم.فالرئيس أوباما يدرك صعوبة تمرير هذا الاتفاق في الكونغرس والشيوخ اللذين يسيطر عليهما الجمهوريون، والذين يرون أن الهجوم على هذا الاتفاق قد يكون أحد تكتيكات المعركة الرئاسية القادمة في مواجهة هيلاري كلينتون، وبالتالي يستعد الرئيس أوباما لاستخدام حقه الدستوري المتمثل باعتبار الاتفاق قراراً رئاسياً لا يحتاج إلى موافقة الكونغرس والشيوخ، أو باستخدام حقه بالفيتو ضد تصويت الكونغرس والشيوخ.ما يهمنا في المنطقة كيف سينعكس هذا الاتفاق على الدور الإيراني المتنامي، وعلى حلفاء إيران التقليديين، وعلى الحرب الدائرة في كل من سوريا واليمن والعراق، وعلى العلاقة المربكة مع دول الخليج، وأين يقف الأردن من كل ذلك.على أهمية كل بنود الاتفاق إلا أن البند المتعلق بالأصول الإيرانية المجمدة في البنوك الغربية يبدو لي بنداً مهماً لا يجوز إغفاله، فإيران ستستعيد 120 مليار دولار حين إنفاذ الاتفاق، والسؤال هو ماذا ستفعل إيران بهذا الفائض النقدي، وكيف سينعكس على الصراع الدائر في سوريا واليمن تحديداً؟الحقيقة المهمة هي أن إيران ستستخدم هذا المال في دعم النظام السوري والحوثيين في اليمن، وهو ما يعد بأن شكل الصراع سيتغير بسبب تغير موازين القوى على الأرض، ولكن هل سينعكس ذلك على النتائج المتوقعة من الصراع؟رغم الدعم الإيراني للنظام السوري فإن النظام فقد شرعيته الدولية، ولا يستطيع بشار الأسد من تغيير الصورة السائدة للنظام، والأخطر أن إيران قد ترى إمكانية تمرير النظام من أزمته وتحويله من سبب للأزمة إلى شريك في الحل، ولكن للحفاظ على النظام لا بد من التخلي عن عائلة الأسد والمقربين منها، وإظهار قيادة سياسية جديدة مقبولة من المؤسسة الأمنية التابعة للنظام السوري، وبالتالي فإن وضع بشار الأسد قد يكون في مهب الريح، وهو ما قد يدفعه لقبول اللجوء الدافئ في موسكو.حينها يمكن القول بإمكانية ظهور تحالف ما في المنطقة، من ضمنه النظام السوري، لمحاربة داعش، ولكن ذلك لا يعني بالتأكيد السقوط بالحضن الإيراني، وسيكون الأردن المتمسك برؤيته وموقفه من القضية السورية، قادراً على لعب دور أكبر في المنطقه الممتدة من مدينة حماة شمالاً حتى الحدود الأردنية السورية.يمكن القول إن لدى صانع القرار الأردني مجموعة من السيناريوهات الناجزة للتعامل مع الحالة السورية الراهنة وما قد يطرأ عليها من تغيير، بعيدة كل البعد عن التعامل مع الحالة السورية بردات فعل.وغرفة القيادة الضيقة في إيران تعرف الالتزامات الحقيقية لإيران، وتدرك أن الاتفاق مهم ولكنه لا يتعدى كونه فترة اختبار طويلة، لا تستطيع إيران الترك على هواها في المنطقة، فقد صار لديها ما تخسره اليوم، بعكس الفترة السابقة، وتدرك أيضاً أن ما تم عبر ماراثون من المفاوضات يمكن أن ينتهي بلحظة أو غفلة أو خطأ.ما يجب أن نتعلمه نحن العرب أن المفاوضات طريق مضنٍ ولكنه فعال لحماية الأوطان، ولنا في مقارنة الحالة العراقية (الصدّامية) والحالة الإيرانية (الخامنئية) خير برهان.المنطقة إلى أين؟ازدحام الخيارات في جغرافية ضيقة وزمن قليل يجعل إمكانية المناورات الكبرى قليلة، قد يكون هناك دم أكثر للوصول إلى مساومات مقبولة عند مختلف الأطراف.